عندما تلاحظ أن هناك من يسعى لإخفاء ضعفه، فإن السبب ليس في الضعف نفسه، بل في الطريقة التي ينظر بها إلى هذه المشاعر الإنسانية الطبيعية.
لا شك أن هناك حالة تعزز النظرة السطحية للضعف، لأننا نعيش في عالم يعزز الاحتفاء بالقوة، ويجعل من الضعف علامة على الفشل، ونرى في الضعف نقطة سلبية، وينبغي التستر عليها، وما لا ندركه أن هذا الخوف من الضعف، ليس فقط مرتبطاً بموقف الآخرين، بل هو خوف من أنفسنا، نحن نخشى أن نواجه أنفسنا في لحظات ضعفنا، لأن ذلك قد يعني أننا لسنا ما نعتقد أننا يجب أن نكون عليه، وهذا يخلق معركة داخلية صامتة، حيث نتحارب مع مشاعرنا، محاولين دفن كل ما قد يجعلنا «بشريين» أمام عيون العالم.
أحد الأسباب العميقة التي تجعلنا نخفي ضعفنا هو أننا نربط القوة بتحقيق الكمال.
في العلاقات الشخصية، يصبح إخفاء نقاط ضعفنا أكثر تعقيداً، نبدأ في بناء جدران غير مرئية بيننا وبين الآخرين، لكن ما لا ندركه هو أن هذه الجدران تخلق مسافة بيننا وبين من نحبهم، في عالم من الصور المثالية، حيث نجبر على أن نظهر بأفضل حالاتنا دائماً. نخشى أن يبتعد الآخرون عنا إذا عرفوا ما نعتبره نقاط ضعفنا، لكن الحقيقة هي أن هذه النقاط قد تكون في الواقع بوابة للاتصال العميق والفهم المتبادل.
نحن نختار إخفاء نقاط ضعفنا، لكننا في الحقيقة نخفي جزءاً كبيراً من إنسانيتنا، الضعف ليس هو العائق، بل هو المفتاح لتجربة الحياة بكل أبعادها، عندما نسمح لأنفسنا بالظهور كما نحن، بكل ما لدينا من قوة وضعف، نكتشف أن هناك مساحة جديدة للقبول والنمو، الضعف ليس شيئاً يجب أن نخفيه، بل هو شيء يجب أن نحتفل به، فهو يعطينا الفرصة لنتعلم من أخطائنا، لنبني مرونة أكبر، ولنتوصل إلى عمق أعمق في أنفسنا وفي علاقاتنا مع الآخرين.
إخفاء نقاط ضعفنا قد يمنعنا من أن نعيش حياة أكثر توازناً، مليئة بالصدق والتفاهم، قد نجد أن الأشخاص الذين يعرفون نقاط ضعفنا لا يرونها عيباً، بل جزءاً من جمالنا الشخصي، الضعف هو الذي يجعلنا قادرين على أن نكون طيبين مع أنفسنا ومع الآخرين، ويمنحنا القدرة على الوقوف من جديد، بعد كل سقوط.
إذا أدركنا أن كل نقطة ضعف هي فرصة جديدة للنمو، فقد نبدأ في رؤية أنفسنا والعالم بطريقة أكثر صدقاً، وأكثر رحمة.
[email protected]
www.shaimaalmarzooqi.com