هواجس أوروبية من صفقة أوكرانيا - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

بينما يعود الدفء تدريجياً إلى الاتصالات بين الولايات المتحدة وروسيا، تشهد العلاقات بين العواصم الأوروبية الكبرى وواشنطن توتراً وخلافات واضحة، في ضوء قلق متنامٍ من توصل الرئيس دونالد ترامب إلى صفقة تاريخية مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، تبدأ من أوكرانيا وتشمل ملفات وقضايا تتعلق بالثروات النادرة والتجارة وصولاً إلى أسس النظام الدولي.
في الأسبوع المقبل، يفترض أن يلتقي ترامب في البيت الأبيض على التوالي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، وكلاهما يحمل الهواجس ذاتها من المستقبل المنظور ومآل الصراع في أوكرانيا وسر الانقلاب الأمريكي إزاءه، فقد باتت باريس ولندن ومعهما برلين تشعر بانزعاج كبير من نهج الرئيس الأمريكي وتهميشه التام للرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي وتحميله مسؤولية الحرب مع روسيا، مقابل إشادات ببوتين وصبره ودفاعه عن مصالح بلده، وهو ما يعني أن كل الاستراتيجية التي وضعها الأوروبيون مع إدارة جو بايدن السابقة، قد انهارت، وقد تأتي بنتائج عكسية لم تكن في حسبان أحد من الغربيين عندما بدأت الحرب قبل ثلاث سنوات، وتسلطت آلاف العقوبات على موسكو لردعها ومنعها من تحقيق النصر. واليوم تبدو صورة مناقضة لما كان، وأخذ الوضع طريقاً جديداً لا يخلو من عقبات لكنه، بالنسبة إلى الأوروبيين معضلة كبرى قد تتحول إلى هزيمة استراتيجية تلحق بدول القارة.
خلال الساعات الماضية، توجّه وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو بدعوة إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة لدعم مشروع قرار اقترحته بلاده لرسم مسار للسلام بين روسيا وأوكرانيا، والطلب من الجمعية العامة، وليس مجلس الأمن، يؤكد مرة أخرى، أن الخلافات بين واشنطن وحلفائها الأوروبيين قد بلغت مستوى من التباين ينهي انسجامهم المزمن في الأمم المتحدة، ولا سيما مجلس الأمن، والطلب من الجمعية العامة، ربما بسبب محاذير من استخدام فرنسا وبريطانيا حق النقض ضد أي مشروع لإنهاء الحرب في أوكرانيا، لأنه حسبما هو معلن فكل ما يطرحه ترامب من أفكار يضرب في الصميم مصالح باريس ولندن، وهو ما قد يدفعهما إلى انتهاج سياسة مختلفة إن أصرت واشنطن على نهجها، رغم أن التغريد الأوروبي بعيداً من السرب الذي تقوده الولايات المتحدة، وفي مواجهة روسيا تحديداً، لن يكون النجاح حليفه وسيقودهم إلى مزيد من الخسائر دون تحقيق النتائج المأمولة.
كل ما يفعله ترامب ويقوله بشأن الحرب في أوكرانيا، ليس سراً أو مفاجئاً، بل أعلنه خلال الحملة الانتخابية، وينسجم مع سياسته في ولايته الأولى عندما كان يوجه انتقادات شديدة اللهجة إلى زيلينسكي، ويتهمه بالسعي إلى اختلاق صراع لن يفوز به في مواجهة روسيا.
وعودة هذا الموقف بكل ما يحمله من خطاب عالي النبرة يحبط الأوروبيين ويفاقم الانقسامات بينهم، فبعد مجيء ترامب لم تعد الكلمة واحدة، وبدأت بعض القوى تتمرد وتقف في صف واشنطن وموسكو، وهناك في الأفق تحولات كثيرة، منها الانتخابات في ألمانيا، التي لن تساعد على استمرار النهج القديم في التعامل مع الوضع في أوكرانيا، وإنما ستعزز الاتجاه إلى الصفقة التي يريدها ترامب، وقد تفضي إلى تغيير تاريخي للتوازنات الموروثة في أوروبا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق