لا شك أن العزلة لها جانب سلبي، والبعض يراها تنم عن حالة نفسية، بل هناك من يعتبرها مرضاً يحتاج للعلاج، لأنها عبارة عن حالة من الابتعاد عن الآخرين والحال نفسه في الوحدة لأنها شعور بالانفصال عن الآخرين، حتى في وجودهم، ويمكن أن تكون مؤلمة. ومع هذا فإن هناك إيجابيات محتملة للعزلة، حيث يراها البعض توفر بيئة هادئة للتفكير العميق، وهذا قد يساعد الإنسان على اكتشاف أفكاره والتأمل في كيفية تحويل أحلامه إلى واقع، خاصة بعد ضغوط يوم عمل طويل وشاق.
ويمكن أن نستثمر وقت العزلة في تعلم مهارات جديدة، أو تعزيز المهارات التي نجيدها حالياً، وهي تمنحنا وقتاً للقراءة والكتابة، والبحث على شبكة الإنترنت، في ورش ودورات عن بعد، تضيف لنا خبرات ومهارات ومعارف ومعلومات، نحن في أمسّ الحاجة لها. ويمكن لوقت الوحدة أن يكون اللحظة التي نتمكن من اكتشاف هواياتنا واهتماماتنا، وهذا -دون شك- يزيد من ثقة الإنسان بنفسه.
أيضاً هذه الحالة من الانفراد والعزلة، التي تم ملؤها بالإيجابيات والفوائد وتطوير النفس، قد تكون ملائمة لوضع خطة واضحة للأهداف المهنية والشخصية، وسواء أكانت هذه الأهداف طويلة الأمد أو قصيرة، فهي -في نهاية المطاف- ستحقق النتائج المرجوة منها.
لذا من المهم أن ننظر إلى العزلة نظرة إيجابية ونعتبرها فرصة للنمو، أكثر من كونها عقبة ومعضلة تحتاج للحل، بهذه الآلية في التفكير نتخلص من أي سلبيات تحيط بالعزلة، ونبتعد عن أي جوانب مرضية. دراسة نشرت عام 2019 عنوانها: «The Benefits of Solitude: A Review of the Literature» قام بها الدكتور ديفيس، م. ه. والدكتور بوشار، ج. ونشرتها مجلة علم النفس الشخصي والاجتماعي. تتناول هذه الدراسة: فوائد العزلة، وكيف يمكن أن تسهم في تحسين الإبداع، وتعزيز الصحة النفسية، وتطوير الوعي الذاتي. وأشارت النتائج إلى أن فترات العزلة يمكن أن تساعد الأفراد في التفكير بعمق، ما يؤدي إلى زيادة الإنتاجية وتحسين الأداء في مجالات متعددة.
هذه ليست دعوة للعزلة والابتعاد عن الاندماج مع الناس والمجتمع، بل على العكس، هي دعوة لاستثمار بعض الوقت في مراجعة الذات، وإذا مر بنا من قرر الوحدة والعزلة، يمكننا توجيه النصيحة له لتحويل هذه الحالة إلى فعل إيجابي، يرتد عليه الآن ومستقبلاً بكل خير...
[email protected]
www.shaimaalmarzooqi.com