تمارين ذهنيّة للوعي العام - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

هل جرّبتَ الحديث إلى الرأي العام العربي، في غرفة مغلقة، أمام المرآة؟ معك حق، من الصعب تقريباً أن تحشر كل الرأي العام العربي في غرفة. أنت محقّ أكثر إذا بدا لك الرأي العام مخيّباً للظن، خصوصاً إذا انبرى في ذهنك فجأةً أبو تمام ساخراً: «إن شئتَ أن يسْودَّ ظنك كلهُ.. فأجِلْهُ في هذا السواد الأعظمِ». لكن الحل بسيط: تخيّل كل ذلك الرأي العام العرم العرمرم، شخصاً واحداً، على هيئة وعي، وخاطبه في المرآة: أيها الوعي العربي. هكذا يتضح لك أنه لم يعد يحتل أيّ حيّز. ستراه لا وزن له ولا تأثير، لا أحد يصغي إليه أو يشعر بوجوده. في نهاية المطاف سترى نفسك، أمام نفسك.
تكلم بطلاقة، فلا أنت أمام أرسطو، ولا ابن رشد. الرأي العام على نيّاته، فما بالك به إذا استحال إلى كائن واحد، حينئذ ستواجه مشكلةً من نوع آخر: هل من الصواب الاعتقاد أن الوعي العربي العام حقيقة؟ هل يدرك ما هي الأبعاد السياديّة، التاريخيّة، الجغرافية، الاقتصادية، الجيوسياسية.
أنت حرّ، من منطلق حريات الفكر والرأي والتعبير، في اختيار الأسلوب الذي تفضله في مخاطبة الوعي العربي الماثل أمامك في المرآة. تستطيع الحديث على طريقة المناجاة وهمسات الليل، إذا رمت دغدغة العواطف والعزف على أوتار السمع والبصر والفؤاد. لا حرج عليك إذا خطر لك أن الأسلوب الخطابي المباشر أكثر ملاءمةً للرسالة التي صمّمت على إيصالها إلى الوعي العام. لكن فلتكن لغة الخطاب شديدة البساطة، لكي تكون متناسبةً مع التألق والتوهّج والتفوق التي نشهدها في المناهج العربية، في مقرر اللغة العربية تحديداً. أي أن يتلقى الوعي العام الفهم بالتقسيط المريح. أن تقول له مثلاً: هل تظل شخصيتك وعنفوان هويتك وإحساسك بأبعاد وجودك، هي هي عندما تدرك قيمة انتمائك إلى خريطة مساحتها أربعة عشر مليون كيلومتر مربع؟ هل تدري أنك عندئذ تنتمي إلى أمّة رقعتها الجغرافية هي الثانية عالميّاً بعد الاتحاد الروسي، والثالثة في عدد النفوس بعد الهند والصين؟ وما رأيك في اقتصاد متعدد التريليونات، ولسانك هو لغة القرآن العربي المبين؟
بهذه المقاييس، هل تؤمن بأن من يخاطبك في أيّ شأن من شؤون الحياة على الكوكب، وأيّ كبيرة وصغيرة، يضع تلك العناصر في الحسبان، لأنها تغيّر كل المعادلات؟
لزوم ما يلزم: النتيجة الإحساسية: هل شعرت بأن عضلات خلايا الدماغ صارت مفتولة؟ رياضة ذهنية بالمجان.
[email protected]

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق