دم نيتشه - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

أتجوّل هذه المرّة في معرض الشارقة الدولي للكتاب ويدي بيد فريدريش نيتشه، مجازياً بالطبع، ولكن ما هو ليس مجازاً، بل حقيقة، هو «زرادشت» الذي يتجوّل هو الآخر في المعرض بلحمه وعظامه الورقية، وأقصد، طبعة 2007 من الكتاب، ونقلها إلى العربية عن الألمانية الروائي التونسي علي مصباح، وصدرت عن دار الجمل الذي يحمل لنا دائماً فوق سنامه أعلام ورموز الفكر والفلسفة والأدب بلغة عربية نظيفة ومهنية صادقة سواءً في التأليف أو في الترجمة.
يتحدث علي مصباح في مقدّمته لكتاب (هكذا تكلّم زرادشت) عمّا سمّاه (الشناعات) التي تعرّض لها الكتاب من حيث ترجمته إلى العديد من لغات العالم، وليست فقط شناعات بعض المترجمين العرب الذين ينقلون الكتاب من ترجمات إنجليزية وفرنسية إلى لغتنا من دون أن يذكروا اسم المترجم الأجنبي كمصدر لترجمتهم العربية، وهذه فعلاً (شناعة) ترجمانية أو نقص في المهنية، واستسهال لثقافة الترجمة في حدّ ذاتها.
يُقبل القارئ العربي على الترجمات التي بلا وسيط لغوي، ويقرأ بشغف الترجمة المنجزة من اللغة الأصلية للكتاب إلى العربية مباشرة، وهذا ما يجده القارئ المجرّب في ترجمة علي مصباح عن الألمانية مباشرة لزرادشت..
أعود إلى التجوال مع نيتشه أو زرادشت اللذين يتماهيان مع بعضهما البعض إلى حدّ الصوت الواحد نحو الفكرة الفلسفية الزرادشيه أو النيتشوية، فكرة (الإنسان العالي)، إنسان الحياة الرفيعة العبقرية الذي سعى نيتشه إلى صنعه صناعة خاصّة إذا جاز التعبير بلغة من نصفين.. نصف أدبي شعري، ونصف فلسفي.. وسوف أترك ما هو فلسفي مباشر في هذا التجوال، وأتحوّل إلى ما هو شعري نيتشوي يكشف عن الشاعر في الفيلسوف أو عن الفيلسوف في الشاعر..
ترى ماذا يقول (نيتشه) عن النوم.. يقول: (عشر مرّات عليك أن تضحك في يومك، وأن تكون فرحاً، وإلّا أزعجتك معدتك ليلاً، بيت الدّاء، وأم الأحزان، قليلون هم الذين يعرفون هذا، لكن على المرء أن يكون حاملاً لكل الفضائل كي يستطيع أن ينام نوماً جيداً..).
ولكن ماذا عن الطفل؟؟ الثيمة الفلسفية التي انشغلت بها مختبرات فلسفية كبرى يعود بعضها إلى الفلسفة اليونانية والإغريقية.. هنا نيتشه له طفله، أو له طفل آخر.
يقول: (براءة هو الطفل ونسيان. بدء جديد، لعب، دولاب يدفع نفسه بنفسه، حركة أولى، نِعَمٌ مقدّسة..).
من شعريات (نيتشه) الخاطفة أيضاً:
(السرب يسحر الدجاجة)، (أحب أن أنظر في وجه كل نائم)، (سياج على حافة نهر أنا.. ليمسك بي من استطاع أن يلمسني، لكنني لست عُكّازاً تتوكؤون عليه).
وأخيراً، وطالما نحن نتجول بين الكتب إليك ما قاله (نيتشه) عن القراءة والكتابة: (.. من بين كل ما هو مكتوب لا أحب غير ذلك الذي يكتبه امرؤ بدمه، اكتب بالدم، وستكتشف أن الدم.. عقل).

[email protected]

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق