علي قباجة
لم تخفِ إسرائيل للحظة، طمعها بالضفة الغربية والقدس المحتلتين، ونفذت في سبيل ذلك خلال العقود الماضية، سلسلة انتهاكات أفضت إلى تقطيع أوصالهما، وسيطرت عسكرياً على أكثر من 60% من أراضيهما، وأنشأت مستوطنات مقننة على 40% من مساحتهما، بجانب عشرات البؤر العشوائية «غير القانونية»، التي يقيمها المستوطنون بدعم من الحكومة الإسرائيلية وبحماية جيشها، في المقابل قامت بحشر الفلسطينيين في تجمعات أشبه بسجون كبيرة.
منذ بداية العام فقط، صادرت إسرائيل 42 ألف دونم من أراضي الضفة والقدس لأسباب مختلفة، كالادعاء بأنها أراضٍ تابعة لإسرائيل، أو تحت ذريعة تعديل حدود المحميات الطبيعية، كما تم رصد إنشاء ما لا يقل عن 43 بؤرة استيطانية جديدة، معظمها على أراضٍ زراعية، بهدف الطرد المنهجي للفلسطينيين من الضفة عبر رفع وتيرة اقتحامات مناطق السلطة الفلسطينية البالغة 17.6% من المساحة الإجمالية للضفة، وإقامة حواجز لا حصر لها، وزيادة اعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين في بيوتهم أو منعهم من الوصول إلى أراضيهم.
كل ذلك لم يكفِ هذه الحكومة، إذ خرج وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش ليقول: «إن 2025 عام السيادة الإسرائيلية على (يهودا والسامرة)»، أي الضفة الغربية، في حين ذكرت هيئة البث الإسرائيلية، أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، قال في اجتماعات مغلقة، إن مسألة ضمها إلى إسرائيل «يجب أن تعود إلى جدول الأعمال» مع تسلم الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب مهام منصبه، مطلع العام المقبل، يضاف إليهم عشرات المسؤولين، الذين يدعون إلى طرد الفلسطينيين، وضم الضفة إلى دولتهم، على اعتبار أنها حق ديني لهم.
غرور القوة يدفع إسرائيل إلى فعل كل شيء من دون وازع أو رادع، والصمت الأممي والعالمي أمام أعتى المجازر في غزة، دفعها إلى البدء في استغلال هذا الظرف، لضم الضفة رسمياً، ساعية إلى إنهاء شعب بطموحاته وأحلامه وأرضه، عبر إجباره على الهجرة من خلال التضييق الجغرافي والاقتصادي والأمني والقتل والتجويع، ليصبح طموح الفلسطيني هو ترك هذا الواقع المرير نحو دولة أخرى، لكن ما تسعى إليه حكومة نتنياهو لن يكون يسيراً، فهي تدفع الأمور نحو الهاوية، والتاريخ أثبت أن هذا الشعب متمسك بأرضه، ولن يكون من السهل طرده، فقرارهم بالاستيلاء على الأرض ليس سهل التنفيذ، بل يعني انتفاضة شاملة، وحالة من الاستنزاف لا نهاية لها، وسيكون أمنهم في مهب الريح، لأن الضفة لها خصوصيتها المغايرة عن أي جبهة، في ظل التداخل الكبير بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
على الرغم من صمود الفلسطينيين وتمسكهم بحقوقهم، فإنهم يواجهون أعتى حكومة في تاريخ إسرائيل، ولا بد من ظهير عربي وإسلامي، يكبح جماح نتنياهو وعصبته، وإلا ستفلت الأمور من عقالها، مما سيزيد الوضع الإقليمي تأزماً وينذر بحروب لا نهاية لها.
[email protected]
0 تعليق