إرث زايد الإنساني - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

محمد خليفة
عندما أسّس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، دولة الإمارات العربية المتحدة، غرس فيها بذور الخير والحب لمختلف البشر. فقد كان قائداً عبقرياً وسياسياً بارعاً وحكيماً نابهاً، إذ تجسدت فيه كل الصفات التي عزّ أن توجد في نظير له.
إن الحديث عن الراحل، طيب الله ثراه، لن يفيه حقه، فقد كان رجلاً يعادل أمةً، شجاعةً وعدلاً ورحمة وكرماً وتسامحاً، أسس دولة غراسها الحب، وشعارها الإنسانية، حتى عُرِفَت دولة الإمارات العربية المتحدة بدولة الإنسانية. وتجسيداً لهذا الغراس أصدر صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، مرسوماً اتحادياً برقم 126 لسنة 2024 بإنشاء مؤسسة «إرث زايد الإنساني» تخليداً لإرث المؤسس الراحل. ونص المرسوم على أن تتبع المؤسسة رئيس ديوان الرئاسة، وتتمتع بالشخصية الاعتبارية المستقلة، وتكون لها الأهلية القانونية الكاملة لممارسة نشاطها وتحقيق أغراضها.
وبموجب المرسوم، تتولى المؤسسة الإشراف على عدد من الجهات والمؤسسات، ومتابعة تحقيق أهدافها والقيام بالاختصاصات المنوطة بها، وهي «مؤسسة زايد بن سلطان للأعمال الخيرية والإنسانية، ومؤسسة خليفة بن زايد للأعمال الإنسانية، ومؤسسة الإمارات، وصندوق محمد بن زايد الدولي لحماية الأنواع وإثراء الطبيعة، وشركة صندوق الوطن القابضة، ومؤسسة الأنهار النظيفة المحدودة، والمعهد العالمي لمكافحة الأمراض المعدية، وجائزة زايد للاستدامة، وجائزة الشيخ خليفة التربوية، وجائزة الشيخ خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعي، وجائزة محمد بن زايد لأفضل مُعلم».
إن هذا المرسوم قام بمأسسة العمل الإنساني، وجعله عملاً من ضمن واجبات الدولة الواجب عليها القيام به، وهو يعكس تلك الرغبة الكبيرة لدى صاحب السموّ رئيس الدولة، في مواصلة الإرث الإنساني للراحل الخالد الشيخ زايد، وفي تعميق هذا الإرث وديمومته، لإغاثة الملهوف في أنحاء العالم، لكي تبقى دولة الإمارات العربية المتحدة نبراساً يُقتدى في العمل الإنساني والخيري على مستوى المنطقة والعالم.
وعلى مدى السنوات الطويلة الماضية من عمر الدولة، فقد تواصل تقديم المساعدات المالية والإغاثية للمحتاجين في كل مكان، وبحسب تقديرات، فإن حجم المساعدات الإماراتية المقدمة خلال الخمسين عاماً الماضية بلغ نحو أكثر من 320 مليار درهم، ووصل عدد الدول التي استفادت من البرامج الإماراتية إلى أكثر من 178 دولة.
وقد حدثت طفرة كبيرة في قيمة المساعدات الخارجية المقدمة من دولة الإمارات العربية المتحدة خلال العام الماضي، بنسبة زيادة بلغت 12% عن العام السابق. فيما يتعلّق بالقضية الفلسطينية والأزمة في قطاع غزة، فقد كثّفت دولة الإمارات تحركاتها الدبلوماسية منذ اليوم الأول، سعياً إلى وقف التصعيد، وقد أثمرت تلك الجهود المكثفة والناجحة باعتماد مجلس الأمن للقرار 2712 وكذلك القرار 2720 الذي يطالب باتخاذ خطوات ملموسة، لزيادة تدفق المساعدات الإنسانية التي يحتاج إليها الفلسطينيون بشدة، وحماية موظفي الأمم المتحدة والعاملين في المجال الإنساني على الأرض في قطاع غزة.
وتحت راية عملية «الفارس الشهم 3»، توالت سفن المساعدات الإماراتية المحمّلة بآلاف الأطنان من المواد الغذائية والطبية والإيوائية، عابرة البحار، لتصل إلى ميناء العريش في مصر، وتفتح باب الأمل لأهل غزة. وتعد «عملية الفارس الشهم 3» إحدى أبرز العمليات الإغاثية الإماراتية، حيث تمكنت من تحقيق إنجازات ضخمة، وحتى الآن تم إرسال 104 قوافل إغاثية تحمل أكثر من 20.000 طن من المساعدات الإنسانية العاجلة، إلى جانب أربع سفن بحرية محملة ب18.530 طناً من المواد الضرورية. كما تم تنفيذ 259 رحلة جوية محملة ب 5.340 طناً من المساعدات. كما أطلقت دولة الإمارات العربية المتحدة عبر مبادرة «طيور الخير» 104 رحلات إسقاط جوي للمساعدات الإنسانية فوق المناطق التي يصعب الوصول إليها براً، كما خصصت 5 ملايين دولار لدعم حملة تطعيم شلل الأطفال، ما أسهم في تحصين 650 ألف طفل في القطاع. كما تعمل دولة الإمارات، باستمرار، على تعزيز كفاءة المستشفيات والقطاعات المحلية والبلديات في غزة، من خلال توفير معدات للصرف الصحي ونقل المياه، وتنفيذ مشاريع إصلاح خطوط المياه والآبار في خان يونس وشمال غزة، إلى جانب تنظيم حملات توزيع المياه في مراكز الإيواء.
وفي الوقت عينه فقد أطلقت دولة الإمارات العربية المتحدة حملة «الإمارات معك يا لبنان»، وذلك تنفيذاً لتوجيهات صاحب السموّ رئيس الدولة، بتقديم حزمة مساعدات إنسانية إغاثية عاجلة بقيمة 100 مليون دولار أمريكي إلى الأشقاء في لبنان، وقد بلغ مجموع ما جمعته الحملة من التبرعات العينية، قرابة ألف طن من المواد الإغاثية، بمشاركة الجهات والمؤسسات والجمعيات الإماراتية المانحة، ومساهمة العديد من رجال الأعمال وأفراد المجتمع من الجنسيات والفئات المختلفة، وتواصل حملة «الإمارات معك يا لبنان» أنشطة تجميع المساعدات الإغاثية.
بفضل هذا الإرث الذي خلّفه الشيخ زايد، رحمه الله، الذي يتخطى الحدود، تبقى دولة الإمارات العربية المتحدة مثالاً حياً للعمل الخيري والإنساني، حيث تجاوزت قيمة مساعداتها الخارجية 360 مليار درهم، ما يرسخ مكانتها كداعم رئيسي، على مستوى العالم، للدول المتضررة.
[email protected]

أخبار ذات صلة

0 تعليق