«الماكرونية» قيد الاختبار - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

لم تحجب الاحتفالات بتدشين كاتدرائية نوتردام بعد عملية الترميم التي استغرقت خمس سنوات إثر الحريق الذي التهمها في عام 2019، والحضور اللافت لزعماء أكثر من أربعين دولة، حقيقة الأزمة الفرنسية الناجمة عن إسقاط حكومة ميشال بارنييه في البرلمان قبل أيام، بعد تحالف اليمين واليسار، على حد سواء.
حتى خلال هذه الاحتفالات التي استمرت يومين كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والسياسيون الآخرون يحاولون البحث عن مخرج لهذه الأزمة الأكثر تعقيداً في تاريخ البلاد، والتي تكاد أن تعصف بالأسس التي قامت عليها الجمهورية الفرنسية. ناهيك عن أنها وجهت ضربة قوية لـ«الماكرونية» وتكتيكاتها وتحالفاتها التي راهنت على إمكانية صمود أقلية برلمانية حتى الصيف المقبل، حيث يتاح لماكرون حل البرلمان والدعوة لانتخابات تشريعية مبكرة للحصول على مشهد سياسي جديد.
لكن اللافت هنا أن الرئيس ماكرون الذي يصر على بقائه في السلطة حتى نهاية ولايته، لم يقدم حتى الآن تفسيراً مقنعاً للفرنسيين بشأن حل البرلمان السابق. وحتى في خطابه للفرنسيين الذي أعقب استقالة بارنييه، لم يقل سوى أنه يأمل من الفرنسيين أن يفهموا لماذا حل البرلمان السابق، والذي أفضى إلى فوز كبير لليمين المتطرف واليسار، بينما تحوّل حزبه إلى أقلية، ما دفعه إلى تقديم الكثير من التنازلات لتشكيل حكومة غير مستقرة لم تعمر ثلاثة أشهر.
وبعيداً عن الاتهامات المتبادلة بين مختلف الأطراف، فإن أحوج ما تكون إليه فرنسا الآن هو تشكيل حكومة مستقرة، بعد أن فشلت الصيغة السابقة، التي قادها بارنييه، وهو من «اليمين الجمهوري» التقليدي. الآن يبدو أن ماكرون قرر تغيير مقاربته بالتحالف مع الحزب الاشتراكي بزعامة أوليفيه فور، ضمن برنامج حكومي محدد ولفترة محددة، لكن هذا الحزب، الذي أبدى استعداده للدخول في حكومة تضم الكتلة المركزية «الماكرونية»، وحتى اليمين التقليدي يشترط أن تتولى رئاسة الحكومة شخصية يسارية.
لكن هذا التوجه فتح على الحزب الاشتراكي نار جهنم من اليسار واليمين المتطرف، باعتباره يؤدي إلى تفكيك تحالف اليسار والخضر ويشكّل تحولاً مهماً من شأنه أن يريح ماكرون. وبالتالي فقد انهالت الانتقادات من جانب زعيم حزب «فرنسا الأبية» اليساري المتشدد بزعامة جان لوك ميلونشون المصرّ على دعوة ماكرون إلى الاستقالة والاحتكام إلى الشعب في انتخابات رئاسية جديدة للخروج من الأزمة الراهنة.
أما رئيسة حزب الخضر، مارين توندوليه، فقد دعت إلى «التنبه من الفخ المنصوب له»، ومن الدخول في حلقة من المفاوضات التي ستقضي على كل مطالب الطبقة الشعبية التي يدّعي اليسار الدفاع عنها. ومن الطبيعي أن يعتبر اليمين المتطرف أن كل هذه المقاربات موجهة لمحاصرته وعزله، ومع ذلك فإن استدارة الاشتراكيين لن تكون سهلة، لصعوبة الالتقاء مع الكتلة الوسطية واليمين التقليدي، وقبل ذلك وبعده خذلان قواعدهم الاجتماعية، ما يضفي مزيداً من التعقيد على المشهد الفرنسي الذي لا يزال يبحث عن حل.

[email protected]

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق