تحقيق: عبد الرحمن سعيد
دراسة المواد العامة في التخصصات الجامعية ماذا تضيف للطالب؟ وما أهميتها؟ ولماذا تفرضها أغلبية الجامعات على الطلبة؟
هل الهدف مادي في الدرجة الأولى؟ أم غير ذلك..
تساؤلات عديدة يطرحها الطلبة الجامعيون الذين يجدون أنفسهم مضطرين لتسجيل هذه المواد وتسديد الرسوم المقررة، وسبب تساوي المواد العامة مع المواد التخصصية في بعض الفصول الدراسية، مؤكدين أن دراسة مواد عامة يرهقهم ويؤثر على دراسة المواد التخصصية التي هي صميم التخصصات الجامعية..
«الخليج» تسلط الضوء في التحقيق التالي على المواد الدراسية المقررة على الطلاب في تخصصات جامعية مختلفة، حيث التقت عدداً من المديرين الأكاديميين الذين أكدوا أنهم يبذلون قصارى جهدهم لصقل مهارات الطلاب في مختلف التخصصات من خلال مجموعة من الجهود التي تشمل التدريب العملي والنظري، ومنها التدريب العملي إلى جانب توفير فرصٍ للطلاب للتدريب العملي في مجالات تخصصهم، والمشاريع التطبيقية، والمحاضرات والندوات، والمختبرات والورش العملية، البرامج التعليمية المتكاملة.
في المقابل أكد عدد من الطلاب والخريجين أنهم يدرسون عدة مواد لا تتعلق بمجال تخصصاتهم الجامعية، منها الإحصاء واللغة العربية وعلم النفس، مشيرين إلى أن الإشكالية لا تكمن في دراسة المواد العامة ولكنها تكمن في تساوي عدد المواد العامة مع الخاصة في بعض السنوات الدراسية.
عبء على الطالب
«الخليج» التقت عدداً من طلبة الجامعات الذين اشتكوا من دراسة المواد العامة في التخصصات الجامعية حيث تستهلك منهم الوقت والمال لتكلفتها المساوية لبقية المواد التخصصية، حيث قالت الطالبة سارة خالد: إن الجامعة تضع منهجاً عبارة عن مواد دراسية يجب اجتيازها كاملة للتمكن من التخرج مع إمكانية تقسيمها وفق رغبة الطالب وقدرته، والإشكالية لا تكمن في دراسة المواد العامة فحسب، بل تكمن أن المواد العامة في بعض السنوات الدراسية تتساوى مع المواد التخصصية بواقع 4 مواد تخصصية مقابل 4 مواد عامة أو أقل حسب اختيار الطالب.
من جانبه قال الطالب يزيد محمد: إن دراسة المواد العامة بكثرة يثقل من أعبائه وكاهله لتحقيق كافة المتطلبات والتخرج، مشيراً إلى أن التركيز على المواد التخصصية والتعمق في دراستها يمكن أن يحقق نتائج أفضل بكثير على الصعيد العملي، حيث إن دراسة كم كبير من المواد يشتت الطالب ويهدر وقته.
تشتيت الطالب
وأشار خالد سيف إلى أن المواد العامة أغلبها تقدم معلومات يمكن اكتسابها من خلال الثقافة العامة كل في مجال شغفه، كطالب يدرس أمن المعلومات ولكنه يرغب في الاطلاع على علم النفس وهكذا، ولكن فرضها على الطلاب لإتمام مخرجات التعليم والحصول على الشهادة النهائية قد يشتت الطالب عن هدفه الأساسي والذي يتمحور حول التركيز على التعمق في دراسة المواد التخصصية المتصلة اتصالاً وثيقاً مع تخصصه ومتطلبات سوق العمل، والتي تساعده على الحصول على وظيفة فور التخرج بسهولة أكبر.
وقال الخريج عمر عباس: إن دراسة المواد العامة استغرق منه وقتاً طويلاً جداً، حيث إنه لا توجد سنة دراسية جامعية تخلو منها، على الرغم من أنها تثقل مهارات الطالب في أمور حياتية عدة، إلا أنه يفضل تركيز كافة الجهود على تعلم المواد التخصصية لما لها من أثر واضح على الحياة العملية للخريجين.
وأوضح عبد الله أحمد أنه درس على مدار سنوات دراسته في الجامعة أكثر من 10 مواد عامة موزعين على فترة الدراسة، بواقع 2 إلى 3 مواد عامة سنوياً، وأنه لا يوجد فصل دراسي يخلو من المواد العامة، مشيراً إلى أن الحصول على دورات تدريبية وتعليمية لصقل مهاراته وتمكينه من الالتحاق بسوق العمل، سيكون له مدلول إيجابي أكثر.
تحسين المهارات
وقالت سيلفي فوس، مديرة قسم التوجيه الوظيفي في جامعة السوربون أبوظبي: «تحرص الجامعة على تنظيم مقابلات مع أصحاب العمل سنوياً في منتدى التوظيف السنوي «أسطُرلاب» في نوفمبر/ تشرين الثاني من كل عام لاستكشاف فرص العمل والتدريب المختلفة، حيث يعد التدريب الميداني وخبرات التعلم القائمة على العمل أفضل طريقة للطلبة لاختيار المهن والتواصل مع الجهات المختلفة واكتساب الخبرة العملية وتطوير المهارات الوظيفية ذات الصلة المباشرة بمجال اختصاصهم، مشيرة إلى أن الجامعة تنظم أيضاً سلسلة «أسطُرلاب» في شهر مارس/ آذار والتي تشتمل على ورش عمل تسهم في تحسين مهارات التوظيف لدى الطلاب، مثل كتابة السيرة الذاتية ورسائل الغلاف، ومهارات إجراء مقابلات العمل».
وأضافت: يركز قسم التوجيه الوظيفي على مساعدة الطلبة في اكتساب وتحسين المهارات التي تؤهلهم للاندماج في سوق العمل، ويعمل فريق الدعم والإرشاد الوظيفي على تقديم المشورة وتوفير برامج ودورات عملية للطلاب بهدف استكشاف اهتماماتهم ومهاراتهم وسمات شخصيتهم، وتهدف جامعة السربون أبوظبي من خلال قسم التوجيه الوظيفي إلى مساعدة الطلبة على تحديد مواهبهم ووضع أهدافهم المهنية واستكشاف الخيارات المهنية المتاحة لهم وبناء المهارات التي تؤهلهم لسوق العمل، حيث ينظم القسم حلقات عمل وبرامج تدريبية تعاونية، بالإضافة إلى زيارات وجولات في مواقع العمل، بهدف مساعدة الطلاب في تحديد كيفية ربط اهتماماتهم وقيمهم ومهاراتهم بالوظائف المتاحة ووصف المهارات والأنشطة المرتبطة بهذه المهن.
فرص التدريب
وقال البروفيسور منتصر قسايمة أستاذ الهندسة الكهربائية في جامعة أبوظبي: «تسعى جامعة أبوظبي جاهدة لمساعدة الطلاب في التعمق في دراسة تخصصاتهم والاطلاع على كافة تفاصيلها، عبر المستشارين الأكاديميين الذين يقدمون إرشادات واستشارات للطلاب في ما يتعلق بتخصصاتهم وخطط الدراسة، ويساعدون الطلاب على تحديد المقررات المناسبة وتطوير خطة دراسية تناسب أهدافهم الأكاديمية ومصالحهم المهنية، فضلاً عن أن الجامعة تقدم برامج إعلامية تهدف إلى تعريف الطلاب بتفاصيل تخصصاتهم وفرص العمل المتاحة في تلك التخصصات، وتشمل هذه البرامج ورش العمل والمحاضرات النشطة والمعارض الأكاديمية التي تعرض مشاريع الطلاب وأبحاثهم».
وأضاف: تعمل الجامعة على صقل مهارات الطلاب في مختلف التخصصات من خلال مجموعة من الجهود التي تشمل التدريب العملي والنظري، حيث توفر الجامعة فرصاً للطلاب للتدريب العملي في مجالات تخصصهم، والمشاريع التطبيقية، والمحاضرات والندوات، والمختبرات والورش العملية، البرامج التعليمية المتكاملة.
وأكد أن هناك العديد من البرامج والدورات العملية التي تُقدم للطلاب لمساعدتهم على صقل مهاراتهم خلال فترة دراستهم، وأن هذه البرامج والدورات تهدف إلى تطوير مجموعة متنوعة من المهارات التي يمكن أن تكون مفيدة في مجالات العمل المختلفة، ومنها دورات التطوير الشخصي التي تتضمن تعلم مهارات الاتصال الفعالة، وإدارة الوقت، والقيادة، والعمل الجماعي، وحل المشكلات، ودورات التدريب العملي التي تعتمد على برامج التدريب العملي لتمكين الطلاب من اكتساب خبرة عملية في مجالات تخصصهم، وبرامج التجارب العملية، وبرامج التدريب على المهارات الفنية التي تكسب الطلاب مهارات تقنية وفنية تتعلق بتخصصاتهم، مثل تصميم الجرافيك، وتطوير البرمجيات، وتحليل البيانات.
مواكبة السوق
وقالت الأستاذ الدكتورة ابتهال أبو رزق نائب رئيس شؤون التطوير والمتابعة، وعميد شؤون طلبة جامعة العين: إن الجامعة تهتم بصقل مهارات الطلبة وتعزيز معارفهم لتخريج جيل قادر على مواكبة سوق العمل ومواجهة التحديات، حيث تسعى إلى توسيع آفاق المعارف والمهارات لدى الطلبة في مختلف المجالات، فلا تكتفي بالمعرفة النظرية بل تمتد إلى النواحي التطبيقية والعملية سواء من خلال طرح المساقات العملية ضمن الخطة الدراسية، وتطبيق الدراسة النظرية على شكل تجارب أو عمل ميداني من خلال المختبرات والمرافق المجهزة بأحدث التقنيات لتتيح للطلبة إمكانية تطبيق ما يتعلمونه نظرياً بشكل عملي محترف. وأضافت: تقدم الجامعة مجموعة متنوعة من البرامج التدريبية والأنشطة المنهجية واللامنهجية وتنظيم الزيارات الخارجية لمختلف المؤسسات وتوطيد العلاقات مع المجتمع الخارجي وذلك لاكتساب المعارف والمهارات الجديدة وتكوين الخبرات وبالتالي تعزيز المعارف والمهارات المتعلقة بتخصصاتهم.
وبيّنت أن الجامعة تساعد الطلبة على استكشاف مهاراتهم التي من شأنها أن تساعدهم في دراستهم، حيث لا بد أن يدرك الطلبة المهارات التي يمتلكونها ليعملوا على تطويرها وصقلها وتنميتها، ولهذا تسعى الجامعة من خلال الكليات وعمادة شؤون الطلبة ومركز التعليم المستمر في الجامعة إلى تنظيم دورات تدريبية باستمرار في مختلف التخصصات الأكاديمية والمواضيع المجتمعية.
0 تعليق