من المتوقع أن يكشف وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس السكوري، عن خطة العمل الحكومية الخاصة بالتشغيل يوم الخميس المقبل، في وقت يشهد فيه المغرب ارتفاعًا في معدلات البطالة رغم التدابير والإجراءات المتخذة من قبل الحكومة.
وجاء الإعلان عن هذه الخطة بعد أن أظهرت معطيات المندوبية السامية للتخطيط أن عدد العاطلين عن العمل في المغرب ارتفع بين عامي 2023 و2024 بنحو 58 ألف شخص، ليصل إلى 1,63 مليون عاطل، بزيادة قدرها 4%. ووفقًا للمندوبية، فإن معدل البطالة ارتفع من 13% في 2023 إلى 13,3% في 2024، مع تسجيل تغييرات ملحوظة في النسب حسب الوسط الإقليمي، حيث زاد المعدل في الوسط القروي من 6,3% إلى 6,5%، وفي الوسط الحضري من 16,8% إلى 16,9%.
وأكدت المندوبية أن معدل البطالة يبقى مرتفعًا بشكل خاص بين الشباب (36,7% في الفئة العمرية بين 15 و24 سنة)، وحاملي الشهادات (19,6%)، والنساء (19,4%).
يأتي هذا الارتفاع في البطالة في وقت يشهد فيه النمو الاقتصادي تباطؤًا، بسبب تراجع الإنتاج الزراعي الناتج عن الجفاف، مما أثر على الأداء الاقتصادي في العام الماضي. وقد أشار رئيس بعثة صندوق النقد الدولي بالمغرب، روبيرتو كارداريلي، إلى أن النمو الاقتصادي تراجع إلى 3,2% في 2024 بسبب هذه الظروف.
وفي هذا السياق، أوصت بعثة صندوق النقد الدولي بتنفيذ سياسات جديدة في سوق العمل، تركز بشكل خاص على تشجيع نمو المقاولات الصغرى والمتوسطة وتعزيز اندماجها في سلاسل القيمة القطاعية.
وفيما يتعلق بتحديات التشغيل، أشار والي بنك المغرب عبد اللطيف الجواهري إلى أن حل مشكلة البطالة يتطلب تحفيز النمو الاقتصادي وزيادة الثروة الوطنية وتوزيعها بشكل عادل. وأوضح أنه يجب أن يتحقق نمو يتراوح بين 4 و5% في القطاعات غير الفلاحية، خاصة في ظل عدم استقرار القطاع الفلاحي.
وفي هذا السياق، كان رئيس الحكومة عزيز أخنوش قد وعد في 2021 بإحداث مليون فرصة عمل خلال خمس سنوات، أي بمعدل 200 ألف وظيفة سنويًا، بينما يشهد سوق العمل في المغرب دخول حوالي 300 ألف باحث عن عمل سنويًا.
وكان يونس السكوري قد أكد في وقت سابق أن الحكومة تعمل على إنعاش سوق العمل عبر تخصيص 14 مليار درهم في قانون مالية 2025، بهدف تنفيذ خارطة طريق جديدة لخلق فرص العمل، بالإضافة إلى تحسين خدمات الوساطة من خلال الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات (أنابيك).
وتسعى الحكومة أيضًا إلى إصدار مرسوم خاص بالمقاولات الصغيرة والمتوسطة ضمن ميثاق الاستثمار، وذلك لتوفير تحفيزات تشجع على دعم استثمارات هذه المقاولات التي تمثل أكثر من 90% من الشركات في المغرب.
من جانبه، اعتبر نبيل عادل، مدير مجموعة الدراسات الجيوسياسية والجيواقتصادية بالمدرسة العليا للتجارة والأعمال، أن وضعية التشغيل في المغرب أصبحت مقلقة، حيث لم تشهد البلاد معدلات بطالة مماثلة منذ أواخر التسعينيات. وأشار إلى أن الإجراءات الحكومية مثل “فرصة” و”انطلاقة” و”أوراش” لم تحقق الأهداف المرجوة، بسبب عوامل هيكلية تعيق الاقتصاد المغربي، منها انغلاق الاقتصاد على الاستهلاك المحلي والإنفاق العام، مما يحد من توسع الشركات الناشئة.
من جانبه، أشار رشيد ساري، رئيس المركز الإفريقي للدراسات الاستراتيجية والرقمنة، إلى أن الاقتصاد المغربي يعتمد بشكل كبير على القطاع الفلاحي، مما يساهم في عدم استقرار سوق العمل. وأكد أن البرامج الحكومية الحالية لم تحقق فعالية كافية في معالجة مشاكل البطالة، داعيًا إلى تنفيذ إصلاحات هيكلية لتعزيز النمو المستدام وتنويع الاقتصاد.
وشدد الخبراء على ضرورة تعزيز قطاع الصناعات التحويلية والتكنولوجيا الحديثة، وتوفير فرص تدريبية تتماشى مع احتياجات سوق العمل، بالإضافة إلى دعم الشركات الناشئة وتقديم حوافز ضريبية للشركات المبتكرة.
0 تعليق