انعطافة «ميتا».. من الحظر إلى الاحتضان - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

ثيرا كولمان *

أعلن الرئيس التنفيذي ل «ميتا» مارك زوكربيرغ، مؤخراً، عن تغييرات شاملة في استراتيجية تعديل المحتوى الخاصة بالشركة، ما يشير إلى تحول نحو نهج أكثر ودية مع شعار ترامب «اجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى» أو «ماغا». وهو تغيير ملحوظ منذ حظر الملياردير الشاب للرئيس الأمريكي من منصاته قبل أربع سنوات. الآن، يبدو زوكربيرغ أكثر حرصاً في التعاطي مع سيد البيت الأبيض.
وقال رئيس ميتا في خطابه، مردداً مشاعر بعض المنتقدين المحافظين، إن شركته تتخلص من مدققي الحقائق من جهات خارجية لأنهم كانوا «متحيزين سياسياً للغاية، وعرضة للخطأ، وقد دمروا الثقة أكثر مما خلقوها».
ووفقاً لما ذكرته مواقع إخبارية، ستعمل «ميتا» على استبدال مدققي الحقائق بملاحظات مجتمعية مماثلة لتلك الموجودة على «إكس»، المملوكة لإيلون ماسك، والذي لطالما كان زوكربيرغ على خلاف علني معه. وستخفف الشركة أيضاً قواعدها ضد خطاب الكراهية، ما يمهد الطريق للمستخدمين لنشر مجموعة واسعة من الملاحظات المهينة حول الأعراق والجنسيات والمجموعات العرقية وغيرها. كما سيتبع زوكربيرغ خطى ماسك بنقل بعض عملياته من كاليفورنيا إلى تكساس. في الوقت نفسه، عيّنت «ميتا» دانا وايت، الرئيس التنفيذي لبطولة القتال النهائي «يو إف سي»، وحليف ترامب الصريح، في مجلس إدارتها بعد أيام من الترويج لجويل كابلان.
تشير كل هذه التحركات إلى تحول صارخ للشركة، وانضمام زوكربيرغ إلى قادة آخرين من عمالقة التقنية الذين يحاولون كسب ود الرئيس وإدارته. صحيح أن تبني «فيسبوك» و«إنستغرام» لأسلوب أكثر ودية لحرية التعبير من شأنه أن يُغير بشكل كبير من روح العالم الرقمي، ولكن في الوقت الحالي، تثير تصرفات «ميتا» الكثير من الجدال.
ومن خلال هذا التحول، يسعى زوكربيرغ بوضوح إلى عزل ميتا عن جولة الانتقام من الشركات التي يستعد لها ترامب. لكنه في المقابل، يجازف بحصول كارثة محتملة إذا فر المعلنون منها، وبدأ المستخدمون في ربط العلامة التجارية، التي شُوهت بالفعل بسبب إهمال الذكاء الاصطناعي وندرة الإبداع التي استمرت لسنوات، بأنواع الشخصيات غير المرغوب فيها التي تهيمن الآن على «إكس». قد تُكسب هذه التحركات «ميتا» بعض التحوط لدخول عصر «ترامب 2»، ولكن إعادة تموضعها ليست خطة عمل مضمونة النجاح. ويبدو أن بعض القرارات تحاكي كيف أعاد ماسك تشكيل «تويتر» إلى «إكس»، ما أدى إلى فرار بعض المعلنين المهمين، إلى جانب مستخدمين معروفين.
يرى البعض أن قرار زوكربيرغ بنقل فرق الثقة والسلامة وإدارة المحتوى من كاليفورنيا إلى تكساس هو مؤشر آخر على دور «ماغا» في تغييرات «ميتا». وبأن هذه الخطوة ترسخ ببساطة وجود صناع المحتوى في الشركة في مكان قد يكون فيه تحيز مختلف عن التحيز الذي يدعيه زوكربيرغ. كما أنه تلميح واضح بأن الرئيس التنفيذي يعتبر كاليفورنيا، نقطة ضعف ترامب، مكاناً أقل جاذبية للعمل من تكساس.
مع وجهة نظر «ميتا» الجديدة بشأن تعديل المحتوى، يخشى بعض المدافعين من أن المحتوى الضار قد ينتشر دون عوائق على منصاتها. وتقول الشركة إن الأمر متروك للمستخدم لتحديد الأكاذيب من عدمها، وبأن الأمر ليس مشكلتها إذا لم يتمكن المستخدمون من تمييز الفرق، حتى لو كانت هذه الأكاذيب أو الكراهية أو الاحتيالات تؤدي إلى إيذائهم، فالتحول في سياسة تعديل المحتوى يُعد خطوة كبيرة إلى الوراء في ما يتعلق بالسلامة والشفافية والمساءلة عبر الإنترنت والتي يمكن أن يكون لها عواقب وخيمة خارج الشبكة العنكبوتية في شكل ضرر على العالم الحقيقي.
وقالت نيكول سوجيرمان، مسؤولة في منظمة «كايروس» غير الربحية التي تعمل على مكافحة الكراهية القائمة على العرق والجنس عبر الإنترنت، إنه من خلال التخلي عن تدقيق الحقائق، فإن «ميتا» تفتح الباب أمام التضليل البغيض غير المقيد حول المجتمعات المستهدفة بالفعل مثل السود والسمر والمهاجرين والمتحولين جنسياً، وهو ما يؤدي في كثير من الأحيان إلى موجات من العنف خارج الفضاء الإلكتروني.
من نواح كثيرة، لا يمكنك إلقاء اللوم على زوكربيرغ لمجرد تودده لدونالد ترامب. فالمشكلة هي أن قراره له عواقب وخيمة، وقد يكون هذا حدثاً على مستوى الانقراض لفكرة الحقيقة الموضوعية على وسائل التواصل الاجتماعي. لكن يبدو أن كل شيء قد انقلب، وكما قالت صحيفة «الغارديان»: «ميتا» هي «إكس»، ومارك زوكربيرغ هو الآن إيلون ماسك، استعدوا لأربع سنوات مضطربة ولاذعة وخالية من الحقائق على الإنترنت.
* كاتبة في مجلة «ذا ويك»

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق