رغم استيراد أطنان من لحوم الأبقار البرازيلية والإسبانية، لا تزال أسعار اللحوم الحمراء مرتفعة في المغرب، فبينما تباع اللحوم المستوردة بأسعار أقل، حيث يبلغ سعر الكيلوغرام من اللحوم البرازيلية 70 درهماً والإسبانية 80 درهماً، إلا أن اللحوم المحلية لا تزال تُباع بأسعار تتراوح بين 85 و125 درهماً للكيلوغرام الواحد، ما يطرح تساؤلات حول العوامل التي تبقي الأسعار مرتفعة.
وفقًا ليوسف الولجة، نائب الكاتب العام لجمعية بائعي اللحوم الحمراء بالتقسيط بجهة الدار البيضاء-سطات، فإن المضاربين يسعون لتحقيق أرباح سريعة، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار بشكل غير مبرر. كما أن بعض التجار يتلاعبون بمصدر اللحوم، حيث تباع المستوردة بسعر اللحوم المحلية دون علم المستهلكين، ما يؤثر على شفافية السوق.
وتعاني تربية المواشي في المغرب من صعوبات متزايدة بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف والأدوية والعمالة. هذه العوامل دفعت العديد من المربين إلى ذبح الأبقار الحلوب وإناث الأبقار، ما تسبب في نقص القطيع الوطني، وهو ما استدعى تدخل الحكومة لمنع هذه الممارسات للحفاظ على التوازن في الإنتاجية مستقبلاً.
ويتزايد إقبال المغاربة على اللحوم، خاصة مع اقتراب شهر رمضان، مما ساهم في الضغط على السوق، حيث حذّر الولجة من إمكانية وصول الأسعار إلى 150 درهماً للكيلوغرام الواحد في هذه الفترة.
وعلى الرغم من أن الاستيراد يخفف الضغط على السوق المحلية، إلا أن هشام جوادي، أحد مستوردي اللحوم الحمراء، أكد أن العودة إلى الأسعار السابقة باتت صعبة بسبب ارتفاع تكاليف الاستيراد عالميًا.
فالمغرب يستورد شهريًا كميات كبيرة من اللحوم، تشمل 10,000 رأس من الغنم و8,000 رأس من الأبقار، إضافة إلى حوالي 80 طناً من اللحوم المجمدة، ولكن هذه الكميات لا تكفي لتحقيق توازن في السوق.
وبحسب مصطفى العطار، جزار في مدينة تمارة، فإن العديد من الجزارين توقفوا عن بيع اللحوم المجمدة بسبب ضعف الإقبال عليها، حيث يفضل المستهلك المغربي اللحوم الطازجة، رغم ارتفاع أسعارها. ويرجع ذلك إلى جودة التبريد أثناء النقل، حيث يمكن أن تُحفظ اللحوم المستوردة في درجات تبريد عالية لمدة تتجاوز 72 ساعة قبل وصولها إلى الأسواق، مما يؤثر على جودتها.
ورغم انخفاض الأسعار في المجازر الكبرى بمقدار 7 دراهم، إلا أن ذلك لم ينعكس على محلات الجزارة. يؤكد عمر عواد، صاحب مجزرة خاصة بفاس، أن المجازر تبيع اللحوم للجزارين بأسعار تتراوح بين 70 و85 درهماً للكيلوغرام، بينما يبيعها الجزارون للمستهلك بأسعار تتجاوز 100 درهم، ما يثير تساؤلات حول هامش الربح والممارسات التجارية داخل القطاع.
ولجأت الحكومة إلى استيراد الأبقار والأغنام واللحوم الطازجة والمجمدة لتعويض النقص في الماشية، حيث كان من المتوقع استيراد 20 ألف طن من اللحوم الحمراء بحلول نهاية سنة 2024. ومع ذلك، يبدو أن هذه التدابير لم تحقق تأثيرًا كبيرًا على الأسعار، ما يعكس استمرار تحديات السوق المحلية.
على الرغم من الجهود الحكومية لتعزيز الاستيراد وضمان توفر اللحوم الحمراء، فإن العوامل المرتبطة بالمضاربة، ارتفاع تكاليف الإنتاج، زيادة الطلب، وضعف الرقابة تظل الأسباب الرئيسية لاستمرار ارتفاع الأسعار. وفي ظل هذه الظروف، يبقى السؤال مفتوحًا حول مدى فعالية الحلول الحالية في تحقيق استقرار سوق اللحوم في المغرب على المدى الطويل.
0 تعليق