الشارقة: عثمان حسن
الناشر: دائرة الثقافة في الشارقة
«المسرح النثري العربي.. 1952 - 1967» كتاب للدكتور أيمن حماد، صدر عن دائرة الثقافة في الشارقة، ويركز على بيان أثر التراث الشعبي في بنية الحكاية المسرحية النثرية، من حيث الحبكة والصراع والشخصيات والحوار، وانعكاس ذلك كله على دلالة المسرحية.. جاء الكتاب في 333 صفحة من القطع المتوسط.
ويوضح د. أيمن حماد أن كتابه هو امتداد لدراسة فائق مصطفى أحمد التي توقفت عند سنة 1952، في إشارة إلى كتابه «أثر التراث الشعبي في الأدب المسرحي النثري في مصر.. 1914 - 1952»، وإن اختلفت عنها من حيث الفترة الزمنية التي صاحبها قيام ثورة 1952، ما يعني اهتمام د. حماد بمجموعة جديدة من كتاب المسرح المصري الذين عاشوا أو تأثروا بمناخات سياسية واجتماعية وفكرية جديدة انعكست على الإبداع المسرحي.
جاء الكتاب في مقدمة وتمهيد وأربعة فصول، في تمهيد الكتاب درس المؤلف محاور بارزة في بحثه هي: (مفهوم التراث الشعبي، والكاتب المسرحي والتراث، والبعد التاريخي في توظيف الموروث في المسرح، وثورة 23 يوليو والمسرح). وجاءت فصول الكتاب على النحو التالي: الفصل الأول: مصادر التراث الشعبي في المسرح، وتناول عدة أبواب فرعية مثل: (الأسطورة، والحكاية الشعبية، والسيرة الشعبية، ومظاهر الفرجة الشعبية)، وجاء الفصل الثاني بعنوان: التأثير الشعبي في الحبكة والصراع الدرامي، وتفرع إلى: (مواقف من الأدب الشعبي في الحبكة والصراع، وعناصر من الخيال الشعبي في الحبكة والصراع)، والثالث: التأثير الشعبي في رسم الشخصية المسرحية، واشتمل على المحاور: (الشخصيات الخيرة والشريرة، والبطل الملحمي، وشخصيات من مخزون التراث والأدب الشعبي)، والرابع: التأثير الشعبي في اللغة والحوار المسرحي، واشتمل على 8 أبواب هي: (طابع الحكي والسرد، والأمثال والتعابير الشعبية، والأغاني الشعبية، والقافية، وألفاظ السباب والشتائم «الفكاهة الغليظة»، واللهجات الخاصة، والألغاز والفوازير، والخطابية والإطناب).
ويتناول د. حماد في كتابه بشكل مركز مجموعة من المسرحيات الشهيرة التي قام برصدها، حيث استقر على نوع من النصوص النثرية مثل: «الصفقة» و«إيزيس» لتوفيق الحكيم، و«اتفرج يا سلام» لرشاد رشدي، و«ليالي الحصاد» لمحمود دياب، و«أدهم الشرقاوي» لنبيل فاضل. وقد استعان المؤلف بالمنهج التحليلي في قراءة هذه المسرحيات، وبيان أثر التراث الشعبي فيها، حبكة وصراعاً ولغة وحواراً وشخصيات، ومدى قدرة هذا المصدر التراثي على التعبير عما يريده الكاتب، والبواعث التي حملته على استلهامه، والغاية التي قصد إليها من وراء ذلك، مع ضرورة الإشارة إلى مدى نجاحه أو إخفاقه في استخدام أحد عناصر التراث الشعبي في بنية ودلالة المسرحية.
*الأسطورة
تعد الأسطورة بحسب د. حماد من أهم مصادر التراث الشعبي التي استقاها كُتّاب الدراما بمختلف عصورهم ومشاربهم، ذلك أن الأسطورة تحوي في جوهرها رموزاً متعددة، إضافة إلى أنها تكشف عن مكنونات النفس البشرية، وتميط اللثام عن أسرارها الخفية، ولها فوق ذلك قيمتها الأخلاقية الهادفة والخالدة التي تجعل من أبطالها مثلاً أعلى يحتذي به البشر ويتجنبون كل ما يناقضه، وهي بطبيعتها من حيث شكلها ومضمونها ووظيفتها تعين الكتاب وكتاب الدراما خاصة على الاستلهام من طرف، واستخلاص الرمز الفني لفكرة أو مبدأ من طرف آخر.
*شخصيات
ويورد المؤلف نماذج من التأثيرات الشعبية في رسم الشخصية المسرحية، حيث يزخر التراث الشعبي بكثير من الشخصيات التي كان لها أثرها البارز في المسرح المصري، وتجلى هذا الأثر في اتكاء الكُتاب في رسم شخصياتهم على تلك النماذج الواردة في التراث الشعبي، فهناك، على سبيل المثال، الشخصيات الخيرة والشخصيات الشريرة، المرسومة إما في قالب خير مطلق، وإما في قالب شر مطلق، وهناك أيضاً شخصية البطل الملحمي الذي تزخر به الملاحم والسير الشعبية، وكذلك الشخصيات المستمدة من مخزون الأدب الشعبي كشخصيات الليالي: حلاق بغداد، ولص بغداد، وعلي بابا، ومعروف الإسكافي، والشاطر حسن، وقمر الزمان، وشهرزاد، وشهريار، وغيرها، وكذلك الشخصيات الثابتة والنمطية، التي التي تتسم بها عروض الأراجوز وخيال الظل والمسرح المرتجل مثل: الشحات، والبربري، والشاويش، والحانوتي، والحرامي، والخواجة والسائح الأجنبي، وغيرها.
*البطل الملحمي
تعد شخصية البطل الملحمي من الشخصيات التي كان لها أثرها في المسرح، وهذا ما نلحظه بوضوح في مسرحية «أدهم الشرقاوي» فبرغم اعتماد المؤلف في رسمه لهذه الشخصية على الموال الشعبي الشهير «أدهم الشرقاوي» فإنه استطاع أن يكسبها بعداً اجتماعياً، فأصبح بطلاً بأهله ومجتمعه، وليس نموذجاً للبطولة الفردية، كما هو الحال في الموال، ذلك أن بطل الموال تحركه نوازع الانتقام الفردية البحتة، ومن ثم فإنه «يفتقد مبررات الوجود الاجتماعي، أما البطل في المسرحية فيكتسب سمات الشخصية النمطية، التي تظهر الأحداث بداخلها سمات البطل الذي تكونه صراعات الطبقة وصراعات المجتمع، فنوازعه اجتماعية، وتحركاته ترتكز على تحركات اجتماعية محيطة، وتجد حوافزها في تلك التحركات الاجتماعية المحيطة، إن أدهم الموال متمرد على كل شيء، بطل من أجل نفسه، أما أدهم المسرحية فهو بطل بأهله وطبقته وبلده ومن أجلهم».
*السيرة الشعبية
يتحدث د. أيمن حماد عن السيرة الشعبية بوصفها من أبرز مصادر المسرح، فجاء في الكتاب: السيرة الشعبية هي حكاية طويلة ذات حلقات متعددة لها متخصصون يحترفون حفظها وتقديمها لجماهير المستمعين في الأعياد والمواسم والأسواق، وقد ذكر لنا بعض الرحالة الغربيين، الذين وفدوا إلى مصر والعالم العربي، أنهم شاهدوا اهتمام الجماهير بنمط من الحكايات يستغرق أداء إحداها الأسابيع الطوال، وسجلوا أسماء المؤدين والمتخصصين في هذا الفن وأزياءهم والأدوات الموسيقية المستخدمة في الأداء والتي يتوسلون بها في التأثير في المستمعين.
فهناك طائفة الشعراء الذين تخصصوا في سيرتين كبيرتين هما سيرة عنترة، وسيرة بني هلال، وهناك طائفة أخرى تخصصت في سيرة الظاهر بيبرس، وعرفت الأولى باسم «العناترة» والثانية باسم «الهلالية» والثالثة بـ«الظاهرية».
*أمثال
من المؤثرات الشعبية في الحوار استخدام كُتاب المسرح للأمثال والتعابير الشعبية في كتابة حوار مسرحياتهم، وهذا الاستخدام له دلالته؛ إذ إن الشخصية كثيراً ما تستخدم الأمثال الشعبية في حوارها لتستشهد بها على وجهة نظرها، ولا سيما الشخصية ذات الخصائص والملامح الشعبية، التي يسعى الكتاب إلى إنطاقها بالأمثال الشعبية، وذلك ليثبتوا -بهذه الأمثال- أصالة الشخصية الشعبية وانتماءها إلى البيئة المحلية، فضلاً عن استخدامها أحياناً كحلية أو زينة تكسو الحوار طلاوة وجمالاً، حتى يكون وقعه على سمع الجمهور ذا رنين جذاب.. ففي مسرحية «الصفقة» استخدم توفيق الحكيم الأمثال الشعبية، مصوراً من خلالها حالة الفلاحين في عصر الإقطاع وصنوف الحرمان التي يقاسونها جراء الظلم والاستغلال اللذين فرضهما الإقطاعيون.
*اقتباسات
*عالج الكتاب المسرحيون العرب الأساطير في صياغات فنية جديدة ومستحدثة.
*«ألف ليلة وليلة» من أكثر المصادر التي استقى منها كتاب المسرح مادة مسرحياتهم.
*المضمون الاجتماعي العام هو عنصر مشترك في أشهر السير الشعبية.
*حكاية «زينة النساء» في مسرحية «حلاق بغداد» مستمدة من إحدى قصص الجاحظ.
0 تعليق