الشارقة: جاكاتي الشيخ
تواصلت مساء أمس الأول السبت في قصر الثقافة بالشارقة أماسي مهرجان الشارقة للشعر العربي في دورته الـ21، بمشاركة 7 شعراء عرب هم: حسن شهاب الدين/ مصر، سوسن دهنيم/ البحرين، عبدالله الهدية/ الإمارات، سالم الشعباني/ تونس، محمد شودب/ سوريا، قصي النبهاني/ سلطنة عمان، وعُلا خضارو من لبنان، وقدّم الشعراء الشاعر عبدالله أبوبكر من الأردن.
حضر الأمسية عبدالله بن محمد العويس رئيس دائرة الثقافة في الشارقة، ومحمد إبراهيم القصير مدير إدارة الشؤون الثقافية في الدائرة، والشاعر محمد البريكي مدير بيت الشعر، وجمهور غفير من الشعراء والمثقفين والإعلاميين.
تنوّعت القراءات بقصائد تتأمل الذات وتستأنس بوميض الذكريات، وذلك بمزيج شعري لافت حمل العديد من الموضوعات التي تبحث في أعماق النفس البشرية، وتجول في العوالم الإنسانية، والوجدانية، والوطنية، بإلقاء مميز من المشاركين.
* أبعاد
افتتح الأمسية حسن شهاب الدين، الذي أبدع من خلال تقديم عدة قصائد ذات أبعاد إنسانية وفلسفية، منها «قصيدة زينب»، التي يقول فيها: تلك الْـ.. تُهَيِّءُ لي سماء طفولتي / والكاف لم تَعْلَق بسر النون // مَدّت بأرض الروح.. جذر وجودها / ودمي يهز الآن جذع حنيني // أمشي كطفل في القصيدة نحوها / وتنوء قافيتي بعبء سنيني // في الأربعين.. أضيءُ في مشكاتها / صوتي وكان الوحي في عشريني؟
وقرأ قصيدة «متهم بخداع العالم» ويقول فيها: سأقول (أنت) وربما أعني (أنا) / و(هناك).. حيث أشير قد تعني هنا // وأبَدّل الأدوار.. أصبح قارئاً / وتكون نصّاً.. أو أظل كما أنا // لي أحرف كالماء لكنْ ساحلي / ناءٍ وأنأى ما يكون.. إذا دنا // وقصيدتي امرأة لعوب.. لا كما / تبدو كصوفي رأى.. فتكهّنا.
وألقت سوسن دهنيم قصائد مفعمة بالحنين والدفء، حملت عناوين منوعة مثل: «ضوء تحدّر بل شمس المآلات» و«أنشدني لعلي عنك أعفو»، و«العاشقون» التي تقول فيها: العاشقون تناهوا في الحكاياتِ / مذ جرّبوها انتصاراً للجميلاتِ // إذ يحلمون لديهم ألف معجزةٍ / تجيء تتْرى على رغم البلاءاتِ // يستأنسون كأن الصعب لعبتُهم / عين على الأرض.. أخرى للسماواتِ.
* مطوّلات رائعة
وقدّم عبدالله الهدية مطوّلة شعرية رائعة يقول فيها: يا مجمع البحرين هات الملتقى / واسأل عن الخبر العليم مفاديَا // استَفْتِ قلبك وابتعد عن رأي من / جعل السجية في الحياة ملاهيَا // حضّر ملوك الجن كُلاًّ باسمه / وانقع بكأس المستريب لبانيَا // وأضف لحضرة جمعهم جنيّتي / واسألهمُ عن منذرات حماسيَا // واحذر حديث الحب كي لا يذكروا / اسم الحبيبة في زمانِ غراميَا // ناقشهُمُ في مستجدات الورى / وبما يدور بمشهدي ونطاقيَا // خذ من بيان ردودهم ما تشتهي / وامزج خلاصته بكأس مجازيا.
بدوره قدم سالم الشعباني مطولة رائعة أخرى، بعنوان «أقباس»، يقول فيها: من أيّ نور زكيّ وجهك اقتبسا / هذا الذي ظلّ بسّاماً وما عبسا // هبني قليل الثواني.. لحظة لأرى / ما السرّ؟ ما بات مخفيّاً وما الْتبسا // لن يكشف السرّ إلا قارئ فطن / بات الملاك على محرابه عسسا // وليس يوحى إليَّ إنّما هبة / أعطاني الله من أقباسه نفسا.
* مشاعر عميقة
وألقى محمد شودب عدداً من قصائده التي تطفح بمشاعر عميقة، ولغة جميلة هي: «لأن قلوب العصافير تنسى»، و«من سير المنافي»، و«كما يدنو الغريب من الظلّ»، التي يقول فيها: بأرضٍ طواها الغَيبُ في زَمَنٍ كـهْلِ / أنرْتِ فوانيسَ الكلامِ لمن قبْلِي / سموْتِ وآثرتِ البقاءَ على الفَنَا // لتَمْضِيَ مِنْ صَعْبِ السِّنِينِ إلى السَّهْلِ // وفي عَجَلِ الأيامِ، كُنتِ وحيدةً / تُربّينَ تَاريخَ البلادِ عَلَى مَهْلِ.
وكان لقصي النبهاني منهج شعري رصين، في المضامين والإلقاء، وجاءت قصائده بعناوين: «تناقضات»، و«محاكمات مستمرة.. لعمر منقض»، و«الناجي الوحيد»، التي يقول فيها: ولِلصّمْتِ الطَّويل.. بَدَوْتَ حَدْسًا / يُنَبِّئُ عَنْ كَلامٍ.. لَيْسَ مَزْحَا // يُنَبِّئُ: إِنَّ في الآتِي سَراباً / بِهِ تَجْرِي المِياهُ.. ولَنْ تَشِحَّا.
واختتمت القراءات الشعرية عُلا خضارو وشدّت الحضور بنصوصها الشعرية المتميّزة: «وصية الزيتون»، و«أطفال بلا عيد»، و«سر أبيض»، التي تقول فيها: تَحنُّ للدّمع عينٌ للهوى عَطْشى / تَخشى منَ الحبّ هل في الحبّ ما يُخْشى؟ // تَندى جراحٌ كأنّ الدّمعَ بلسَمُها / ونَدَّبَ الملحُ في غمّازِها مَمْشى // تَهيمُ في لجّة الأنوار سُمرتُها / فتلمحُ الصُّبحَ من أَشفارها يَنْشى // هي الشّريدةُ عن فوضى تَلعثمها / تُراودُ اللّيلَ عن مَعناهُ كي يَغشى.
وبعد ختام الأمسية كرّم عبدالله بن محمد العويس، ومحمد إبراهيم القصير، ومحمد البريكي، الشعراء المشاركين، ومدير الأمسية بشهادات تقديرية تكريماً لما قدّموه من قراءات مميزة لامست قلوب المتلقين.
0 تعليق