عذب الكلام - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

إعداد: فوّاز الشعّار
لُغتنا العربيةُ، يُسر لا عُسرَ فيها، تتميّز بجمالياتٍ لا حدودَ لها ومفرداتٍ عَذْبةٍ تُخاطب العقلَ والوجدانَ، لتُمتعَ القارئ والمستمعَ، تُحرّك الخيالَ لتحلّقَ بهِ في سَماءِ الفكر المفتوحة على فضاءات مُرصّعةٍ بِدُرَرِ الفِكر والمعرفة. وإيماناً من «الخليج» بدور اللغة العربية الرئيس، في بناء ذائقةٍ ثقافيةٍ رفيعةٍ، نَنْشرُ زاوية أسبوعية تضيءُ على بعضِ أسرارِ لغةِ الضّادِ السّاحِرةِ.
في رحاب أمّ اللغات
في البلاغة، حُسنُ الخاتمةِ، فهي آخرُ ما يبقى في الأسماعِ، وربّما حُفِظتْ مِنْ دونِ سائرِ الكلام، منها قولُ أبي نُواس مادحاً:
أنتَ الخَصيبُ وهذهِ مِصْرُ
فتَدفّقا فكلاكُما بَحْرُ
ويَحِقُّ لي إذْ صِرْتُ بَيْنَكما
ألّا يَحِلّ بِساحَتي فَقْرُ
النّيلُ يُنْعِشُ ماؤهُ مِصْراً
ونَداكَ يُنْعشُ أهلَهُ الغَمْرُ
وقولُ أبي الطيّب:
أخَذْتَ على الأرواحِ كُلَّ ثَنِيّةٍ
مِنَ العَيْشِ تُعْطي مَنْ تَشاءُ وتَحْرِمُ
فَلا مَوْتَ إلّا مِن سِنانِكَ يُتّقى
ولا رِزقَ إلّا مِن يَمينِكَ يُقْسَمُ
دُرَرُ النّظْمِ والنَّثْر
كبرنا
أبو العتاهية
(بحر الوافر)
أَذَلَّ الحِرْصُ والطَّمَعُ الرِّقابا
وقَدْ يَعْفو الكَريمُ إِذا استَرابا
كَبِرنا أَيُّها الأَتْرابُ حَتّى كَأَنّا
لَمْ نَكُن حيناً شَبابا
وكُنّا كالغُصونِ إِذا تَثَنَّت
مِنَ الرَّيْحانِ مونِقَةً رِطابا
أَلا ما لِلكُهولِ ولِلتَّصابي
إِذا ما اغْتَرَّ مُكتَهِل تَصابى
وإِنَّ لِكُلِّ تَلخيصٍ لَوَجهاً
وإِنَّ لِكُلِّ مَسأَلةٍ جَوابا
وإِنَّ لِكُلِّ حادِثَةٍ لَوَقتاً
وإِنَّ لِكُلِّ ذي عَمَلٍ حِسابا
فَزِعْتُ إِلى خِضابِ الشَّيْبِ مِنهُ
وإِنَّ نُصولَهُ فَضَحَ الخِضابا
مَضى عَنّي الشَبابُ بِغَيْرِ وُدّي
فَعِندَ اللَهِ أَحْتَسِبُ الشَبابا
وما مِن غايَةٍ إِلّا المنايا
لِمَن خَلِقَت شَبيبَتُهُ وشابا
وما مِنْكَ الشَّبابُ ولَسْتَ مِنهُ
إِذا سأَلَتْكَ لِحْيَتُكَ الخِضابا
من أسرار العربية
فروق: بين العَلاء والعُلُوّ: العَلاءُ: الرِّفْعَةُ والعُلُوُّ للبناء. والعُلُوّ، كذلك: العَظَمةُ والتَّجَبُّرُ. يُقالُ: رجلٌ عالي الكَعْبِ، أيْ شريفٌ. عَلا يعلُو: للبِناء. وعَلِيَ يَعْلى: للرِّفعة والشَّرف. والعَلْياءُ: رأسُ كلّ جبلٍ أو شَرَفٍ
بَيْن حَلا وحَليَ: حَلَا يَحْلو حلاوةً للشّرابِ. وحَلِيَ يَحْلى (مثلُ رَضِيَ يَرْضى) للْكِبَرِ والمَكانَةِ. نقول: حَلِيَ بِعَيْني، وبِقَلْبي. وتحالتِ المرأةُ: إذا أَظْهَرَتْ حَلاوةً، قال أبو ذؤيب:
فشأنَكها إنِّي أمينٌ وإنَّني إذا ما تَحالى مِثْلُها لا أَطُورُها
هفوة وتصويب
يقولُ بعضُهم: «وزادَ الحَاضِرونَ عَنِ العَددِ المَطْلوبِ»، وهي خَطأٌ، والصّوابُ «زادَ على..»، لأن حرف الجرّ «على»، يأتي مع «زادَ» ومُشتقاتها.
وقال ذو الإصبع العدواني:
وأنتمُ مَعْشَرٌ زَيْدٌ على مِئَةٍ
فَأَجْمِعوا أَمْرَكُمْ طُرّاً فَكيدوني
أي «زائدونَ على مئةٍ».
يكثر استخدام مثل هذه العبارة «وقَدْ كانتْ ظُروفُ العَملِ صَعْبةً» أو «ظُروفُ الأُسرةِ كانَتْ مُضطربة... إلخ».. هي خطأ، والصّواب «أوضاع العمل» أو «أحوال الأسرة..»، في صحيح اللغة: الظَّرْفُ حُسْنُ العِبارة، وحُسْن الهَيئة، والحِذْقُ بالشَّيء. وامرأَة ظَريفة من نِسوة ظَرائِفَ وظِرافٍ. والظَّرْفُ: الوِعاء، والجَمْعُ: ظروف. والظَّرف: البَراعةُ وذَكاء القَلْب، يُوصَف به الفِتْيانُ الأَزْوالُ والفَتَياتُ الزَّوْلاتُ، قال الطّرِمّاح:
وألقَتْ إليَّ القولَ مِنْهنَّ زَوْلةٌ
تُخَاضِنُ أو ترنُو لقول المُخاضِنِ
والمُخاضَنَةُ: المُغازَلة.
من حكم العرب
عَلَيْكَ بِأَفْعَالِ الْكِرَامِ ولِينِهِمْ
ولا تَكُ مِشْكاساً تَلِجُّ وتَمْحَكُ
ولا تَكُ مَزَّاحاً لَدَى الْقَوْمِ لُعْبَةً
تَظَلُّ أَخا هُزْءٍ بِنَفْسِكَ يَضْحَكُ
البيتان لهند الإيادية، تقول فيهما، إذا أردت أن تكون لائق المعشر، يحترمك الناس، فعليك بفعل كل ما يمكن أن يجعلكَ محبّباً ولطيفاً وتبتعد عن افتعال المشكلات، أو حتى المزاح في غير مكانه..

أخبار ذات صلة

0 تعليق