عذب الكلام - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

إعداد: فوّاز الشعّار
لُغتنا العربيةُ، يُسر لا عُسرَ فيها، تتميّز بجمالياتٍ لا حدودَ لها ومفرداتٍ عَذْبةٍ تُخاطب العقلَ والوجدانَ، لتُمتعَ القارئ والمستمعَ، تُحرّك الخيالَ لتحلّقَ بهِ في سَماءِ الفكر المفتوحة على فضاءات مُرصّعةٍ بِدُرَرِ الفِكر والمعرفة. وإيماناً من «الخليج» بدور اللغة العربية الرئيس، في بناء ذائقةٍ ثقافيةٍ رفيعةٍ، نَنْشرُ زاوية أسبوعية تضيءُ على بعضِ أسرارِ لغةِ الضّادِ السّاحِرةِ.
في رحاب أمّ اللغات
من بدائع الشعراء، في الوفاء للحبيب الغائب، قول ليلَى الأخيلية ترثي توبة:
وأقْسَمْتُ أبْكي بَعْدَ تَوْبَةَ هالكاً 
وأحْفِلُ مَنْ دارتْ عَلَيْهِ الدَّوائرُ
لَعَمْركَ ما بالمَوْتِ عارٌ علَى الفَتَى 
إذا لمْ تصبْهُ في الحياةِ المَعايرُ
وقول قيس بن ذريح:
لَو أَنَّني أَسْطيعُ صَبراً وَسَلوَةً
تَناسَيتُ لُبْنى غَيْرَ ما مُضمِرٍ حِقدا
ولَكِنَّ قَلبي قَد تَقَسَّمَهُ الهَوى
شَتاتاً فَما أُلفى صَبوراً وَلا جَلدا
سَلِ اللَيلَ عَنّي كَيفَ أَرعى نُجومَهُ
وكَيفَ أُقاسي الهَمَّ مُستَخلِياً فَرْدا
دُرَرُ النّظْمِ والنَّثْر
زِدْني بفَرْطِ الحُبّ
ابن الفارض
(بحر الكامل)
زِدْني بفَرْطِ الحُبّ فيك تَحَيُّرا
وارْحَمْ حشىً بلَظَى هَواكَ تسعّرا
وإذا سألُتكَ أنْ أراكَ حَقيقةً
فاسمَحْ ولا تَجْعلْ جَوابيَ لَنْ تَرى
يا قَلْبُ أنْتَ وَعَدْتَني في حُبّهمْ
صَبْراً فحاذرْ أنْ تَضِيقَ وتَضْجَرا
إنَّ الغرامَ هوَ الحَياةُ فَمُتْ بِهِ
صَبّاً فَحَقُّك أنْ تَموتَ وتُعْذرا
قُلْ لِلّذِينَ تَقَدَّموا قَبْلي ومَنْ
بَعْدي ومَن أَضْحى لأشْجاني يَرَى
عَنّي خُذوا وبي اقْتدوا وليَ اسْمَعوا
وتَحَدَّثوا بِصَبابَتي بَيْنَ الوَرى
ولَقَدْ خَلَوْتُ مَع الحَبيب وبَيْنَنَا
سِرٌّ أرَقُّ منَ النسيمِ إذا سَرى
وأباحَ طَرْفِي نَظْرْةً أمّلْتُها
فَغَدَوْتُ مَعْروفاً وكُنْتُ مُنَكَّرا
فَدُهِشْتُ بَيْنَ جمالِهِ وجَلالِهِ
وغَدا لسانُ الحالِ عَنّي مُخْبِرا
من أسرار العربية
من أساليب العَرب، التّصغيرُ، وهو على وجوه: منها: تصغيرُ تحقيرٍ، كقولهم: رُجَيْلٍ، تصغيراً لـ«رجل». ومنها: تصغيرُ تكبيرٍ، كقول لَبيد:
وكلُّ أناسٍ سَوْفَ تَدْخُلُ بَيْنَهُمْ 
«دُوَيْهِيَهٌ» تَصْفَرُّ مِنْها الأنامِلُ
تصغيراً «لداهية»، ومنها: تصغيرُ تنقيص، كقولهم: لا يملك إلا بُيَيْتاً، تصغيراً «لبيت».
ومنها: تصغيرُ تقريب، كقولهم: أنا راحلٌ بُعَيْدَ العيد، تصغيراً لـ«بعد». ومنها: تصغيرُ إكرامٍ ورَحْمَةٍ، كقولهم: يا بُنَيَّ ويا أُخَيَّ، ويا أخيّة، تصغيراً لـ«ابنٍ» و«أخٍ»، و«أختٍ». 
هفوة وتصويب
يستخدم كثرٌ في السؤال، بعد الأداة ضميراً، مثل «هو» أو «هي» وسواهما، كقولهم: «ما هي أسبابُ ضعفِ الطلاب؟» أو «ما هو موقفُك من كذا؟» والصواب أداة الاستفهام والمستفهم عنه، من دون الضمير، «ما أسباب..؟» و«ما موقفك؟».
كثر يستخدمون مثل هذه العبارة «وقد لَعِبَ المشاركون دوراً أساسياً في ذلك...»، قاصدين أنّ دورهم كان فعّالاً.. وهي صياغة خطأ؛ ففي صحيح اللغة: اللَّعِبُ واللَّعْبُ: ضدُّ الجِدِّ، لَعِبَ يَلْعَبُ لَعِـباً ولَعْباً، ولَعَّبَ، وتَلاعَبَ، وتَلَعَّبَ مَرَّة بعد أُخرى؛ قال امرؤُ القيس: 
تَلَعَّبَ باعِثٌ بذِمَّةِ خالدٍ
وأَوْدى عِصامٌ في الخُطوبِ الأَوائل
ويقال لكل من عَمِلَ عملاً لا يُجْدي عليه نَفْعاً: إِنما أَنتَ لاعِبٌ، إذن الصياغة غير صحيحة، والصواب القول «وقَدْ أدّى المشاركون دوراً أساسيّاً في ذلك...»... أو «كان للمشاركين دورٌ أساسيٌّ..».
من حكم العرب
على قَدْرِ أهْلِ العَزْمِ تأتي العَزائمُ
وتأتي على قَدْرِ الكِرام المَكارمُ
وتَعْظُم في عَيْنِ الصَّغيرِ صِغارُها
و تَصْغُرُ في عَيْنِ العَظيمِ العَظائمُ
البيتان لأبي الطيّب، يقول إنّ الجد والإصرار على تحقيق المنافع والتميّز، لا يتحقّقان إلّا بالإصرار والعزيمة الحقيقية، فكل العظائم، سهلة هيّنة في أعين العظماء.
 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق