شهدت عدة مدن في الساحل السوري اللاذقية وجبلة وطرطوس مظاهرات حاشدة، أمس الأربعاء، فيما امتد التوتر إلى حمص، بعدما تردد عن إحراق مقام ديني للطائفة العلوية في حلب، وبينما أعلنت السلطات السورية الجديدة أن الفيديو التي تم بثه حول حرق المقام «قديم ويعود لفترة تحرير مدينة حلب»، إلى أن ذلك لم يحل دون انفجار الغضب في تلك المدن، ما اضطر السلطات الجديدة إلى إرسال تعزيزات إلى تلك المناطق وفرض حظر التجول للحيلولة دون اندلاع فتنة يعمل البعض على إثارتها وفق السلطات السورية الجديدة. وبموازاة ذلك، توصلت الاشتباكات بين قوات سوريا الديمقراطية «قسد»، وعناصر الفصائل المدعومة من تركيا غربي الفرات، وقتل 5 عناصر من الفصائل الموالية لتركيا وأصيب آخر في اشتباكات شرقي منبج، شمالي سوريا، فيما قصف الجيش التركي سد تشرين في ريف حلب والقرى المحيطة به بالمدافع والصواريخ، في حين جدّد قائد «قسد» تأكيد استعداد قواته لحل نفسها والانضمام إلى جيش سوري جديد.
وأظهرت مقاطع فيديو تداولها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي خروج مئات الأشخاص إلى الشوارع، في حين أكد تقارير إعلامية أن المظاهرات تخللتها هتافات غاضبة تطالب بالعدالة والأمان. وفي تطور خطير، ذكرت تقارير إخبارية أن اشتباكات اندلعت بين مسلحين من أهالي قرية خربة المعزة في طرطوس، وقوى الأمن العام التابعة لإدارة العمليات العسكرية، بعد رفض عدد من الأهالي تفتيش منازل في القرية، واستهدف المسلحون سيارة تابعة لقوى الأمن العام مما أدى لإحراقها، وسط اشتباكات عنيفة وسقوط قتلى من الطرفين. وأعلنت إدارة العمليات العسكرية في سوريا، أمس الأربعاء، فرض حظر تجول في محافظتي اللاذقية وحمص، وذلك عقب خروج مظاهرات واسعة احتجاجاً على حوادث قتل استهدفت أفراداً من الطائفة العلوية. ووفقاً للبيانات الرسمية، تم تحديد ساعات حظر التجول في اللاذقية من الساعة 8 مساءً حتى 8 صباحاً، وفي حمص من الساعة 6 مساءً حتى 8 صباحاً.
تعزيزات أمنية
في سياق متصل، نشرت إدارة العمليات العسكرية تعزيزات أمنية إضافية في الساحل السوري «لبسط الأمن ومحاسبة عناصر النظام السابق التي تسعى إلى زعزعة الاستقرار»، وفق ما أوردته قنوات رسمية على تطبيق تيلغرام. كما بدأت الإدارة بعمليات تمشيط واسعة في حمص، لتطهير المنطقة من أي تهديدات محتملة. وأرسلت إدارة العمليات العسكرية رتلاً ضخماً يضم مقاتلين من الوحدة 82، والفرقة K9، وعناصر من عدة ألوية تابعة لهيئة تحرير الشام توجهوا إلى ريف اللاذقية لإلقاء القبض على المسلحين والذين يُخشى أن يقوموا بأعمال فتنة في المنطقة ذات الخليط السكاني المتنوع، ولتطهير المنطقة من الأسلحة. وأكدت السلطات السورية الجديدة أن مقطع الفيديو الذي يظهر هجوماً على مقام علوي في حلب «قديم» وأن «مجموعات مجهولة» تقف وراء الحادثة، بعد اندلاع احتجاجات في مناطق تقطنها الأقلية العلوية. وقالت وزارة الداخلية في بيان إن الفيديو الذي يظهر «حادثة اقتحام واعتداء» على المقام في حلب «قديم ويعود لفترة تحرير» المدينة الواقعة في شمال البلاد. أضافت أن «إعادة نشر» المقطع هدفها «إثارة الفتنة بين أبناء الشعب السوري».
اشتباكات مستمرة
من جهة أخرى، قالت «قسد» في بيان، إن اشتباكات مستمرة منذ مساء الثلاثاء أسفرت عن مقتل 5 مسلحين موالين لتركيا وإصابة آخر. وأضافت أنها دمرت 3 عربات لفصائل موالية لتركيا، وسيطرت على كمية من الأسلحة والذخيرة. واستهدفت المدفعية التركية منطقة جسر قره قوزاق بين كوباني ومنبج، ومطار صرين، وأسفرت القذائف عن أضرار مادية فقط، بحسب بيان «قسد».
ومن جهته، جدد قائد قوات «قسد» مظلوم عبدي التأكيد على استعداد قواته لحل نفسها والانضمام إلى جيش سوري جديد بقيادة السلطات التي ستتولى الحكم، شريطة ضمان حقوق الأكراد والأقليات الأخرى. وقال عبدي لصحيفة «تايمز» البريطانية: «نحن ندرك أن هناك وضعاً جديداً في سوريا»، و«ما نريده هو أن تكون سوريا لا مركزية، تقوم على مبادئ ديمقراطية تعددية، مع مجالس محلية تتقاسم بعض الصلاحيات بالتوافق مع السلطة المركزية».
إلى ذلك، أعلن عضو في الدفاع المدني وناشط أمس الأربعاء العثور على مقبرة جماعية في سوريا من المحتمل أنها تضم رفات معتقلين سجنتهم السلطة السابقة أو مقاتلين قضوا خلال النزاع. وشاهد فريق من الإعلاميين في أرض قاحلة تبعد نحو ثلاثين كيلومتراً شمال شرق دمشق، حفراً مصفوفة بجانب بعضها بعضاً، تشكل خندقاً عمقه أكثر من متر، ويغطي كل منها ألواحاً خرسانية تم تحريكها. وعثر في منطقة جسر بغداد على أكياس عدة في حفرة دوّن على بعضها اسم أو عبارة «13 - رقم القبر». (وكالات)
0 تعليق