بدأت بـ«النصر لصناعة السيارات».. القيادة السياسية تعيد الروح للقلاع الصناعية وتنفض الغبار عنها - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تعمل مصر جاهدة على إعادة إحياء قطاع الصناعة وتطويره لتعزيز إسهام الصناعة في الاقتصاد.كما تسعى الدولة جاهدةً لزيادة حصة الصناعة في الناتج المحلي الإجمالي من 17% إلى 20% بحلول عام 2027. و تجسدت هذه الجهود في إعادة تشغيل مصنعيْ النصر للسيارات والنصر للمسبوكات، اللذين يعدان خطوة مهمة نحو تحقيق هذا الهدف.

وفي خطوة أخرى نحو دعم الصناعة المحلية، أعلنت مصر عن 152 فرصة استثمارية في قطاعات حيوية مثل الصناعات الخشبية، الطبية، الغذائية، النسيجية، الكيماوية، ومواد البناء، بهدف تصنيع هذه المنتجات محليا وتقليل فاتورة الاستيراد.

في البداية يؤكد محمد البهي عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات المصرية، أهمية الصناعة المحلية في تحقيق الاستقرار الاقتصادي، مشيرًا إلى أن الاعتماد على الاستيراد يزيد من الضغط على الدولار ويؤدي إلى ارتفاع الأسعار بشكل عام، مما يؤثر سلبا على المواطن البسيط.

وتابع البهي: صناعة الأدوية واجهت أزمة حادة بسبب الارتفاع الكبير في سعر الدولار ما أدى إلى نقص حاد في الأدوية وتسبب في ارتباك كبير في السوق، حيث عجز مصنعو الأدوية عن تغطية تكاليف الإنتاج المرتفعة وعدم قدرتهم على رفع أسعار الأدوية بشكل فوري. لافتا إلى أن البنك المركزي اتخذ قرارًا بتوحيد سعر الصرف للدولار، مما أسهم في استقرار السوق وتقليل التكاليف. وبالتزامن مع هذا تم تشكيل لجنة تضم ممثلين عن الحكومة وهيئة الدواء لتحديد أسعار الأدوية بناءً على مبدأ التكلفة الزائدة cost plus) )، هدفت هذه اللجنة إلى حماية المستهلكين وضمان حصول الشركات على هامش ربح عادل.

وأضاف البهي أن التأثير السلبي لارتفاع سعر الدولار تجاوز صناعة الأدوية، حيث تضررت العديد من الصناعات الأخرى خاصةً تلك التي عقدت صفقات طويلة الأجل مع الحكومة، والتي وجدت نفسها مضطرة لتسعير منتجاتها بناءً على سعر صرف قديم، مما أدى إلى خسائر فادحة وتحديات في استمراريتها. موضحًا أن متوسط نسبة المواد الخام المستوردة بالدولار في الصناعات المصرية يتراوح بين 50% و60% وهذا الاعتماد الكبير على العملة الأجنبية جعل هذه الصناعات عرضة للتأثر بشكل كبير بارتفاع سعر الصرف، مما أدى إلى زيادة تكاليف الإنتاج وتراجع الأرباح. على النقيض من ذلك حققت الصناعات التصديرية أرباحًا كبيرة نتيجة لارتفاع قيمة صادراتها بالدولار، مما أسهم في تعزيز قدرتها التنافسية.

وأشار البهي إلى أن الظروف الاقتصادية والسياسية الحالية، بالإضافة إلى الإجراءات الحكومية الداعمة للصناعة، قد خلقت مناخا إيجابيا أسهم في تعزيز النمو والاستقرار في القطاع الصناعي لافتاً أن الصناعيين يعانون من بيروقراطية مفرطة مع تعدد الجهات الرقابية، مما يؤدي إلى زيادة الأعباء الإدارية وتثبيط حماس المستثمرين كما أن غياب الإجراءات الواضحة والمعايير المحددة يجعل التعامل مع هذه الجهات أمرًا صعبًا ومعقدًا.

وأوضح أن وزير الصناعة، كامل الوزير أثبت أن الإرادة السياسية القوية يمكن أن تحقق نتائج ملموسة في مكافحة البيروقراطية حيث نجح في القضاء على الكثير من الإجراءات المعقدة بإصدار قرارات إدارية سريعة. كما أن إنشاء منصة إلكترونية أسهم في تقليل الفساد وزيادة الشفافية. موضحًا أن مفهوم الحماية الصناعية في الاقتصاد الحر يختلف عن الحماية المباشرة، فبدلاً من فرض حواجز أمام المنافسة الأجنبية، يتم التركيز على خلق بيئة جاذبة للاستثمار من خلال توفير حوافز مثل تبسيط الإجراءات وتقليل التكاليف. مشددا على أهمية توفير حوافز مالية إضافية، مثل تخفيض أسعار الفائدة، لدعم الصناعات المحلية، خاصة الصغيرة والمتوسطة، وتمكينها من المنافسة في السوق العالمية.

وأشار البهي إلى أن الدول المنافسة تتمتع بمزايا تنافسية، فبالإضافة إلى توفير قروض بأسعار فائدة منخفضة تتراوح مابين 1.5% إلى 2%، تقدم هذه الدول دعمًا حكوميا كبيرا يصل إلى عشرة أضعاف الدعم الذي تقدمه مصر للمصانع.

البهي يري أيضا أن عودة النصر للسيارات خطوة كان لا بد من اتخاذها. موضحًا أن شركة النصر للسيارات لديها خبرات متراكمة وإمكانات هائلة ومعدات يمكن تطويرها وإعادتها للعمل مرة أخرى. مشيرًا إلى أن إقامة مصنع قد تستغرق من 3 لـ 5 سنوات، ولكن فكرة إحياء المصانع المغلقة أفضل وأسرع من إقامة مصانع جديدة. مؤكدا أهمية إحياء صناعة السيارات في مصر والتي توفر فرص عمل كثيرة، وعندما يتم توطين هذه الصناعة في مصر تصبح لديها القدرة على المنافسة في السوق المحلي، بالإضافة إلى قدرتها على التصدير للأسواق المجاورة. لافتاً إلى أن السيارات مهمة جدا في عمليات التشغيل ونقل التكنولوجيا، ويعتمد عليها الكثير من الصناعات.

واستطرد قائلا: الدواء أيضًا من الصناعات التي تستطيع أن تحقق لمصر طفرة كبيرة، حيث يوجد 170 مصنعًا للدواء في مصر، وهناك أكثر من 60 مصنعا تحت الإنشاء.

من جانبه قال أسامة الشاهد عضو مجلس اتحاد الصناعات المصرية: إن جميع الصناعات المحلية كانت تمر بفترة ركود بسبب ارتفاع أسعار الدولار مما أدى إلى قلة مستلزمات الإنتاج، وارتفاع أسعار المنتجات فضلا عن ارتفاع تكلفة العمالة. موضحًا أن الصناعات عادت لاستعادة نشاطها مرة أخرى بعد انتظام سوق العملة وقرار البنك المركزي بتحرير سعر الصرف، مما أدى إلى توافر مستلزمات الإنتاج وارتفاع الإنتاج وبالتالي قلة أسعار المنتجات.

وأشار الشاهد إلى ضرورة توطين الصناعة المحلية من خلال زيادة نسبة الخامات المحلية في المنتج، الأمر الذي يؤدي لتقليل نسبة الإصدارات، بالإضافة إلى تقليل فاتورة الواردات، موضحا أن ذلك سيسهم في تقليل أسعار المنتجات المحلية عن مثيلاتها الأجنبية ما يساعد على المنافسة.

وأضاف: مصر تستطيع تصدير المنتجات بدون جمرك مع وجود العديد من الاتفاقيات الدولية مع جهات مختلفة مثل الاتحاد الأوروبي، المغرب، أمريكا اللاتينية أفريقيا وغيرها لافتا إلى إن هناك العديد من الصناعات الأساسية في مصر منها الكيماويات، وصناعة الموبايلات، بالإضافة لوجود العديد من شركات الأجهزة الكهربائية مثل"بوش وبيكو" اللتين تعتزمان بدء الإنتاج من مصنعهما لإنتاج أجهزة في مصر خلال الربع الأخير من العام الجاري.

وتابع الشاهد: هناك توجه من الشركات التركية لفتح مصانع في مصر مما يسهم في تنشيط الصناعة موضحاً أن السبب وراء عدم توافر الدواء في الفترة الماضية كان سببه فرض تسعيرة جبرية عليه، والتي تسببت في عدم تحقيق الربح للمصانع مؤكدا أن هناك مبادرات لتقديم الدعم الفني والمالي للمصانع المحلية المغلقة مثل مبادرة «ابدأ» التي تشارك في دعم المصانع المتعثرة والمغلقة لاستعادة نشاطها مرة أخرى، وأيضا مبادرة وزارة الصناعة المتمثلة في البنك المركزي، لتمويل المصانع بعائد منخفض باقتراض يصل إلى 15% فقط.

وفي سياق متصل أكد الدكتور هاني أبو الفتوح الخبير الاقتصادي أهمية الدور المحوري الذي تلعبه الصناعة في تحقيق التنمية المستدامة الشاملة في مصر. لافتا إلى أن الصناعة تتجاوز كونها قطاعا إنتاجيا لتكون نسيجًا اقتصاديًا متكاملاً يسهم في بناء اقتصاد قوي ومتنوع قادر على مواجهة التحديات العالمية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

وأشار أبو الفتوح إلى أن الصناعة تسهم بشكل كبير في دفع عجلة النمو الاقتصادي من خلال زيادة الإنتاجية وخلق قيمة مضافة وفرص عمل جديدة، كما تعمل على تنويع مصادر الدخل القومي، مما يقلل من الاعتماد على قطاع واحد ويقوي الاقتصاد أمام الصدمات الخارجية.

وأوضح الخبير الاقتصادي أن الصناعة المحلية تدفع الشركات إلى الابتكار وتطوير منتجات وخدمات ذات جودة عالية، مما يعزز قدرتها على المنافسة في الأسواق العالمية. لافتاً إلى أن الصناعة المحلية تستلزم استثمارات كبيرة في البنية التحتية، مما يسهم في تحسين جودة الحياة للمواطنين كما تسهم في تقليل فاتورة الاستيراد وتوفير المنتجات الاستراتيجية، مما يحقق الأمن القومي، كما تشجع الشركات على الالتزام بالمسؤولية الاجتماعية ودعم المجتمعات المحلية.

وسلط أبو الفتوح الضوء على مجموعة من التحديات التي تواجه قطاع الصناعة المحلية، من أهمها: نقص الطاقة، ارتفاع تكاليف الإنتاج، نقص العمالة الماهرة، والبيروقراطية. مقترحاً مجموعة من الإجراءات لمواجهة هذه التحديات، من بينها: توفير بيئة استثمار جاذبة من خلال تبسيط الإجراءات وتقديم حوافز ضريبية وتوفير التسهيلات اللوجستية مطالبا بتطوير البنية التحتية من خلال الاستثمار في الطاقة والنقل والمواصلات، بالإضافة إلى دعم البحث والتطوير من خلال تشجيع الابتكار وتطوير المنتجات الجديدة.

وشدد أبوالفتوح على ضرورة تدريب القوى العاملة من خلال تطوير المهارات والكفاءات اللازمة للعمل في القطاع الصناعي حيث يرى ضرورة التكامل بين القطاعين العام والخاص من أجل تعزيز الشراكة بين القطاعين لتسريع وتيرة التنمية الصناعية.

واختتم أبو الفتوح حديثه بالتأكيد على أن الاستثمار في الصناعة هو استثمار في مستقبل الأجيال القادمة، فمن خلال بناء قطاع صناعي قوي ومتنوع، يمكن لمصر أن تحقق نموًا اقتصاديًا مستدامًا، وتوفر فرص عمل للشباب، وتحسن مستوى المعيشة للمواطنين، وتدعم مكانتها كقوة إقليمية.

من جانبه أكد سيد خضر، الخبير الاقتصادي الأثر الإيجابي المتوقع لعودة المصانع المحلية إلى الاقتصاد المصري مثمناً العودة التي ستسهم في تحقيق العديد من الأهداف التنموية، بما في ذلك زيادة الإنتاج المحلي وخلق فرص عمل وتقليل الاعتماد على الواردات.

وأشار خضر إلى أن الصناعة تلعب دورًا حيويًا في تحفيز النمو الاقتصادي وزيادة الإنتاجية وتحسين الأداء الاقتصادي بشكل عام. كما تسهم في تقليل الاعتماد على القطاعات التقليدية وتحديث البنية التحتية وتعزيز الابتكار. مشدداً علي ضرورة اتباع مجموعة من الاستراتيجيات لدعم المنتج المحلي، من أهمها: تطوير استراتيجيات تسويقية متكاملة، وإجراء دراسات سوقية، وتصميم حملات ترويجية مستهدفة، والتركيز على قنوات التوزيع المناسبة، وبناء علاقات قوية مع العملاء. لافتاً إلى ضرورة الاستثمار في البحث والتطوير والابتكار لتطوير منتجات جديدة وتحسين الجودة، واستخدام التقنيات الحديثة، والتركيز على الاستدامة. مطالبا بتحديد الميزة التنافسية للمنتج المحلي، وبناء علامة تجارية قوية، وربط العلامة التجارية بالقيم والثقافة المحلية.

وشدد خضر على ضرورة التعاون مع موزعين وتجار تجزئة محليين ودوليين، والمشاركة في المعارض والمؤتمرات، وتنظيم فعاليات ترويجية، والتنسيق مع الجهات الحكومية والمؤسسات البحثية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق