دعا مجلس الأمن الدولي ليل الثلاثاء/الأربعاء إلى تنفيذ عملية سياسية «جامعة يقودها السوريون»، وذلك بعد مرور حوالى عشرة أيام على سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، مشدداً أيضاً على وجوب تميكن الشعب السوري من أن «يحدّد مستقبله»، في وقت دعت الأمم المتحدة لانتخابات «حرة وعادلة» في سوريا بعد المرحلة الانتقالية.
وفي إجماع نادر منذ سنوات حول الوضع السوري اكتفى مجلس الأمن بإصدار بيان صحفي بموافقة أعضائه الخمسة عشر ومن بينهم خصوصاً روسيا، والولايات المتحدة، وناشد المجلس سوريا وجيرانها الامتناع عن أيّة أعمال من شأنها أن تقوّض الأمن الإقليمي، وقال المجلس في بيانه: «إنّ هذه العملية السياسية ينبغي أن تلبّي التطلعات المشروعة لجميع السوريين، وأن تحميهم أجمعين، وأن تمكّنهم من أن يحدّدوا مستقبلهم بطريقة سلمية ومستقلة وديموقراطية»، وإذ شدّد أعضاء المجلس في بيانهم على «التزامهم القوي سيادة سوريا واستقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها، دعوا جميع الدول إلى احترام هذه المبادئ»، كما أكّد مجلس للأمن الدولي في بيانه «على ضرورة أن تمتنع سوريا وجيرانها بشكل متبادل عن أيّ عمل أو تدخّل من شأنه تقويض أمن بعضهم البعض».
وأصدر المجلس بيانه بعدما حذّر المبعوث الأممي لسوريا غير بيدرسون خلال الجلسة نفسها من أنّه رغم الإطاحة بالأسد فإنّ «الصراع لم ينته بعد» في سوريا، في إشارة إلى المواجهات الدائرة في شمال هذا البلد بين فصائل مدعومة من تركيا ومقاتلين أكراد. كذلك، دعا بيدرسن إسرائيل إلى «وقف جميع الأنشطة الاستيطانية في الجولان السوري المحتل»، مشيراً إلى أنّ رفع العقوبات المفروضة على سوريا أساسي لمساعدة هذا البلد.
من جهة أخرى، دعا بيدرسون من دمشق، أمس الأربعاء، إلى تنظيم انتخابات «حرة وعادلة» مع انتهاء المرحلة الانتقالية في البلاد بعد حوالى ثلاثة أشهر، آملاً في الوقت نفسه «بحلّ سياسي» مع الإدارة الذاتية الكردية.
وأنهى بيدرسون زيارة إلى دمشق التقى خلالها الأحد بأبو محمد الجولاني قائد هيئة تحرير الشام الذي بات يستخدم اسمه الحقيقي أحمد الشرع. وقال بيدرسون في حديث لصحافيين من أمام فندق «فور سيزونز» في دمشق «نرى الآن بداية جديدة لسوريا التي، بما يتوافق مع قرار مجلس الأمن 2254، ستتبنى دستوراً جديداً يضمن أن يكون بمثابة عقد اجتماعي جديد لجميع السوريين، وأننا سنشهد انتخابات حرة ونزيهة عندما يحين ذلك الوقت، بعد الفترة الانتقالية»، وأكّد في الوقت نفسه «نحتاج إلى مساعدة إنسانية فورية، لكننا يجب أن نتأكد أيضاً من أنه يمكن إعادة بناء سوريا، وأن نشهد تعافياً اقتصادياً، ونأمل أن نرى بداية عملية تنهي العقوبات».
وشدّد بيدرسون على أهمية حصول «انتقال سياسي يضمّ طيفـــاً واسعـــاً من المجتمـــع الســـوري والأحـــزاب السوريــة».
في غضون ذلك، قال مكتب رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في بيان أمس الأربعاء: إن السوداني التقى مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في مدينة العلا وبحثا التطورات في سوريا والمنطقة، وجاء في البيان أن الأمير ورئيس الوزراء بحثا آخر المستجدات في المنطقة، ومن بينها الأحداث في سوريا والأوضاع «المأساوية» في غزة ووقف إطلاق النار في لبنان، وأضاف: «أكد رئيس مجلس الوزراء حرص العراق على وحدة الأراضي السورية وعدم التدخل في الشأن الداخلي السوري، واحترام الإرادة الحرّة للسوريين».
وفي السياق، أشاد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أمس الأربعاء، بإرسال بعثة دبلوماسية فرنسية إلى العاصمة السورية، خلال اتصال هاتفي مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون وفق ما أعلنت أنقرة. وأكدت الرئاسة الفرنسية، من جانبها، أن ماكرون وأردوغان اتفقا على أن عملية الانتقال السياسي في سوريا يجب أن تحترم حقوق كل الطوائف في البلاد.
كما اعتبرت رئيسة المفوضية الأوروبية فون دير لاين أن سوريا القديمة اختفت لكن سوريا الجديدة لم تولد بعد، وأن الفترة المقبلة ستكون حاسمة لتشكيل سوريا الجديدة وستلعب أوروبا دوراً في ذلك، وقالت فون دير لاين في تصريح: «رأينا خطوات مشجعة من النظام الجديد في سوريا لكن هناك أسئلة لا تزال دون إجابات»، مؤكدة «أننا سنكثف اتصالاتنا المباشرة مع النظام الجديد وكافة الفصائل في سوريا».
ومن جهته، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية: إن اجتماع دبلوماسيين ألمان مع أعضاء الحكومة المؤقتة السورية فرصة جيدة للتواصل مع الحكام الفعليين الجدد للبلاد.
إلى ذلك، أكدت متحدثة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أن موسكو على تواصل مع كل النشطاء داخل المشهد السوري، ممن يعبــرون عن وجهــات نظرهـــم المختلفـــة. وقالــت زاخاروفا في الإفادة الصحفية أمس الأربعاء، رداً على سؤال بشأن إمكانية رفع تنظيم «هيئة تحرير الشام» من قائمة التنظيمات الإرهابية في روسيا: «روسيا تحافظ على اتصالات مع كل النشطاء في المشهد السوري، ممن يعبرون عن وجهات نظرهم، وسوف ننطلق من تقييم أحداث محددة، وحالات بعينها، وبطبيعة الحال استناداً إلى تشريعاتنا وإلى القانون الدولي». (وكالات)
0 تعليق