كنت أستمع إلى حوار جانبي في أحد التجمعات حول تطبيقات علوم الطاقة، التي تتطلب نوعًا من "التنظيفات" للتحرر من الصدمات النفسية التي قد يكون الشخص قد تعرض لها في مرحلة ما من حياته. يتضمن هذا التمرين الحديث عن المشاعر الدفينة المتعلقة بتلك الأحداث، واستحضار التفاصيل التي تسببت فيها.
كوني لست خبيرة في علوم الطاقة ولا دارسة لعلم النفس، لا أدري إن كان لهذا التمرين أساس علمي. ومع ذلك، خطر في بالي وأنا أستمع إلى الحوار قوله تعالى في سورة البقرة: "لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ ۚ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا".
ما فهمته عن هذه التمارين أنها تتطلب كشف الأسرار الدفينة المتعلقة بحياة الفرد، والتي قد تمتد إلى أسرار أشخاص آخرين كانوا طرفا في هذه المشاعر، هم في الغالب أقرب الناس إليه، مما يجعله مكشوفًا أمام الآخرين الذين يستمعون إلى "فضفضته"، وأخذني التفكير إلى ما يمكن أن يفعله هذا "المعالج" - الذي غالبًا ما يكون غير مختص - بمثل هذه المعلومات، خصوصًا إذا كان هو نفسه يعاني من مشكلات نفسية، قد يستغل هذه المعلومات الخاصة جدا ضده، فكثير ممن يمارسون هذه التقنيات هم غير مختصين من الأساس.
ثم ماذا لو أن الشخص الذي شارك أسراره مع الغرباء استطاع لاحقًا التصالح مع مشاعره بطريقة لم تستدعِ هذا النوع من الكشف عن ذاته؟
هذه الممارسات تذكرني بطقوس "الاعتراف" في بعض الأديان، والتي تهدف إلى تطهير النفس. لكن بالنسبة لنا كمسلمين، الجهر بالسوء غير جائز، والمجاهرة منهي عنها. المؤمن في ديننا ليس بحاجة إلى وسيط بينه وبين الله، فهو قادر على تطهير نفسه بعبادة الاستغفار والمناجاة وحده.
ومع ذلك، كما قالت رابعة العدوية: "استغفارنا يحتاج إلى استغفار". فكثير من الناس يرون في الاستغفار مجرد طقس تأنيب للنفس أو جلد للذات، بدل أن يكون وسيلة للتصالح مع الذات والتقرب إلى الله، فالاستغفار من المفترض أن يؤدي إلى الشعور بالطمأنينة، لأنك تتعامل مع من يعلم السر وأخفى، والذي وعدك بالمغفرة مهما كان حجم ذنوبك دون الحاجة لكشف نفسك أمام الآخرين.
0 تعليق