ليبيا في عهدة ترامب الثانية - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

قبل سنوات تحدث الرئيس الأمريكي العائد دونالد ترامب عن الجرائم التي ارتكبتها إدارة الديمقراطيين في الدول العربية، فقال: احتللنا العراق تحت الأوهام وذهبنا إلى ليبيا ودمرنا الدولة وقتلنا القذافي، لكنه خلال ولايته الأولى لم يهتم بالملف الليبي.
يعود ترامب إلى الحكم في ظل معطيات جديدة في الشرق الأوسط وإفريقيا، فالديمقراطيون المهووسون بشن الحروب على منطقتنا نجحوا في تغيير موازين القوى لصالح حليفتهم إسرائيل. وحتى في الملف الليبي فإن إدارة بايدن نجحت في الاستحواذ على زمام القرار واستطاعت أن تحيّد كل المتدخلين فيه دفعة واحدة، ولم تترك غير سفيرتها ستيفاني خوري حاكمة بأمرها في ليبيا وهي التي مكنت من أن يتحول البنك المركزي الليبي إلى مجرد إدارة تابعة لوزارة الخزانة الأمريكية، ولا يستطيع التحرك خارج دائرة قرارها. ولأن ترامب رئيس مهووس بالمال فلن يهتم في ليبيا إلا بما يضمن مصالح مالية ضخمة للولايات المتحدة وربما له شخصياً، ولكن هناك العائق الروسي الذي بات يمثل قوة عسكرية حقيقية على أرض ليبيا وتهدد الوجود الأمريكي في إفريقيا، وهو ما يعني أن ليبيا ستكون ضمن أولويات ترامب هذه المرة ولن يستطيع أن يغفلها كما في عهدته الأولى.
المحلل السياسي، إدريس أحميد يقول بأن انتخاب الرئيس ترامب سيترك تأثيرات محتملة على الأزمة الليبية، حيث تمتلك الإدارة الأمريكية عدة ملفات ذات أولوية، أبرزها الاقتصاد، إلى جانب قضايا الصين والاتحاد الأوروبي والناتو وروسيا والملف الإيراني، ما يجعل الملف الليبي جزءاً من أولوياتها بحسب الترتيب والأهمية. وأكد ضرورة وعي الليبيين بأن ملفهم يعد أحد الملفات المطروحة أمام الولايات المتحدة، التي تتعامل معه وفقاً لما يتوافق مع مصالحها، فإذا كانت هناك رغبة صادقة لدى الأطراف الليبية للوصول إلى حل، ستعمل الولايات المتحدة على دعم هذا التوجه، مع الأخذ بعين الاعتبار مصالحها الاقتصادية.
وأوضح أن إدارة ترامب السابقة كانت قد تناولت الملف الليبي بتركيز على الحد من الفوضى، ومن المتوقع أن تتعاون مع الجهات الفاعلة والقوية في ليبيا لتحقيق الاستقرار. وأشار إلى أن إدارة ترامب تتعامل مع جميع الأطراف الليبية وفق منظور المصالح المشتركة، ولن تعارض إجراء انتخابات ليبية، كما قد تسعى إلى تعزيز العلاقات مع الأطراف الليبية القادرة على تقديم رؤى تتماشى مع سياستها وتخدم مصالحها.
الناشط السياسي الليبي عز الدين عقيل يقول في تدوينة عن المشكلة الليبية في عهدة الرئيسي الأمريكي الجديد، «ترامب يخطط لانسحاب عسكري من أوروبا! وقبل أن تصبح ليبيا بديلًا لموسكو عن دمشق كانت ليبيا قد أصبحت (وقبل وقت طويل) بديلاً لواشنطن عن العراق وسوريا.. وربما بديلاً لإيطاليا واليونان وإسبانيا وألمانيا ومالطا. فالإقامة العسكرية الأمريكية لدى هؤلاء مكلفة جداً، بينما ستكون بضيافتنا.. مجانية.. وفوقها إكرامية صناعة قرارنا السياسي.. لقد أصبحنا نهباً بين أنياب ضبعين مسعورين».
لا يوجد بلد إفريقي أو إقليمي أهم من ليبيا، ولا يمكن تحقيق وصول عميق إلى إفريقيا وأوروبا من جهة وإلى الدول المغاربية الواقعة على يسار ليبيا من جهة ثانية، وإلى دول المشرق العربي الواقعة على يمين ليبيا إلا عبر ليبيا نفسها.. ليبيا جوهرة جيوسياسية للولايات المتحدة.
هنا علينا إدراك أن الوضع في ليبيا لا يحتكم فيه لإدارة الرغبات الأمريكية وحدها وإن كانت هي الآن المتحكمة في تفاصيل المشهد السياسي، ولكن ليبيا فيها تقاطعات حقيقية بين دول إقليمية نافذة على الأرض، وهذه الدول تدافع عن مصالحها أيضاً. ففي الشرق الليبي استحوذت مصر على الاستثمارات وإعادة الإعمار. وعسكرياً استطاعت روسيا أن تحصل على مكاسب وقواعد عسكرية جعلت من ليبيا قاعدة عسكرية مهمة جداً لقوات الفيلق الإفريقي. أما في الغرب فالحضور التركي أصبح على درجة من القوة بحيث يصعب إزاحته حالياً، لأن تركيا التي استقوت على سوريا صارت هي الحاكمة بأمرها هناك، وهي تحلم باستنساخ التجربة السورية في ليبيا، وترامب قالها صراحة «إن مفاتيح سوريا هي بيد تركيا»، فهل تفرط أنقرة في ليبيا حتى تكون عاصمة ثانية لها على ضفاف المتوسط. ندرك جيداً أن هذه الدول هي في الأصل غير قادرة أو هي حليفة وثيقة لأمريكا، وستحدد مصالحها دون أن تغضب الرئيس الأمريكي العائد الذي قال في مؤتمر الحزب الجمهوري عند ترشيحه، سنترك الدبلوماسية جانباً، وسننتقل من العولمة إلى الأمركة. بمعنى أنه لن تكون هناك قوة قادرة على الوقوف في وجه أمريكا، وفي ليبيا ستكون الرسالة شديدة الوضوح، نهاية زمن الفوضى وتنصيب سلطة حاكمة جديدة وفق شروط ومنطق العصر الأمريكي.

[email protected]

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق