غزة ما بعد الهدنة - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

يواجه قطاع غزة معضلات كبيرة وتحديات لا حصر لها، بعدما وضعت الحرب أوزارها، فالقادم أشد وأصعب، إذ إن الجراح مثخنة والدمار كبير، ورائحة الدماء تملأ المدن والساحات، لذا فإن البدء بتجاوز حقبة ما بعد الحرب، إذا قررت إسرائيل وقفها أو عدم استئنافها في لحظة ما خلال الهدنة، سيكون الأهم في المرحلة المقبلة، إنه لن يكون هناك تقدم في أي ملف خصوصاً تخفيف الأوضاع الإنسانية إذا بقي القطاع مهدداً عبر استمرار الاستهداف والقصف، أو حصاره واللجوء إلى إدخال المساعدات بالقطارة.
المرحلة المقبلة تحمل بين ثناياها خطراً داهماً، لأن الاتفاق على وقف الحرب ستتبعه مطالب عدّة، منها تعهد إسرائيل الصارم -في حال تسلم جميع أسراها- بعدم العودة إلى نهج القتل والتدمير، الذي يصر عليه نتنياهو وبعض أقطاب اليمين حتى اللحظة الأخيرة، لأنه عندها لا شيء سيكبح جماحهم أو يجبرهم على الإذعان لوقف الحرب مجدداً في ظل عدم وجود رهائن، لذا فإن نتنياهو وحزبه المتطرف سيكونون مطلقي الأيدي لإكمال ما بدؤوا به من تخريب وإبادة ممنهجة لم تبقِ حجراً على حجر.
ثم إن الحكومة الإسرائيلية قد تحاول حتى مع وجود هدنة الالتفاف عليها، وفرض وقائع جديدة، وتغييرات مفاجئة، عبر احتلال أجزاء من القطاع وعدم الخروج منها، ثم تقتير المساعدات وفرض آليات تعوق وصولها إلى مستحقيها، والمماطلة في إدخال معدات ومواد لإعادة الإعمار، كي يبقى القطاع بأكمله مكاناً غير صالح للعيش، إذ ربما تخرج للعالم بمسوح الحمل فلا تستخدم دانات المدافع وصواريخ الطائرات في القتل، وإنما بالحصار المشدد، الذي سيقوم بما عجزت عنه الآلة العسكرية.
أي اتفاق مقبل سيكون اختباراً لنوايا إسرائيل، وأيضاً لإنسانية العالم إذا لم يقف حائط صد أمام الانتهاكات والتغول الإسرائيلي، كما عجز على مدى 15 شهراً في وقف التقتيل والتدمير، خصوصاً أن لإسرائيل أطماعاً وهي ترى أن الفرصة سانحة لها لإنهاء غزة كي لا تشكل صداعاً لها في المستقبل، كما أن شهيتها للانتقام أفقدتها اتزانها، وجعلتها توغل في الدم.
القادم ليس سهلاً، حيث إنه في اليوم التالي من وقف الحرب سيكون العالم أمام كارثة حقيقية، إذ إن أكثر من 80% من القطاع بات مدمراً، وتحتاج إعادة بنائه إلى عشرات السنوات، بينما تخفي الأنقاض آلاف الجثث التي لم يتمكن أحد من استخراجها.
يحتاج القطاع إلى جسور متواصلة من الدعم للتخفيف عن كاهل سكانه وإعادتهم إلى حياتهم مجدداً، والأهم من ذلك، الوقوف صفاً واحداً عربياً وإسلامياً وعالمياً أمام البطش الإسرائيلي، أو نوايا تهدف إلى استئناف المقتلة، لأنه ليس ثمة متسع لمزيد من الدم والدمار.
[email protected]

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق