غياب ثقافة النظام البيئي - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

هل يمكن ألاّ يعني لك هذا العنوان شيئاً؟: «نحن ندخل عصر الجفاف الأكبر»؟ هكذا عَنْون الموقع العلمي الفرنسي «فوتورا سيانس» المقال (19 يناير).
لعل السلوك الذهني التقليدي يلعب دوراً في عدم الاكتراث للمشكلات البيئية في العالم العربي، في حين أن كوكبنا لا تتجزأ سلامته، فغابات الأمازون، التي توصف برئة الأرض، لا يتنفس الصبح فيها لينعش أوكسجينه أهل القارّة الجديدة دون غيرهم من المخلوقات.
يحلو للقلم الاستطراد، فللتاريخ شواهد على وحدة المحيط الأرضي. العام 536 للميلاد، وصفه المؤرخون بأنه الأسوأ في تاريخ البشرية، «تناغمت» فيه ثورتان بركانيتان رهيبتان، إحداهما في الصين، والأخرى في آيسلندا، ما نفثتاه من رماد ودخان حجب الشمس مُدداً مديدةً، فماتت المحاصيل وتعذّر نموّ غيرها، جرّاء الصقيع وغياب الضوء، فأكلت المجاعة النبات والحيوان والبشر.
بالمناسبة، يرى بعض المؤرخين أن ارتدادات تلك المجاعات قروناً في الصين وجوارها، كانت من أسباب اجتياح المغول آسيا والشرق الأوسط. كما يعتقد مؤرخون فرنسيون أن اندلاع الثورة الفرنسية سنة 1789، مرّده إلى ثورة بركان في آيسلندا، أحدثت مجاعةً في أوروبا. الطريف، أن اقتحام سجن الباستيل في نظر بعض المؤرخين، سببه أن الثوار كانوا يريدون الاستيلاء على الحنطة التي كانت السلطات تخزنها في القلعة.
الاستطراد صار موضوعاً. حبذا لو أدخلت المناهج التوعية البيئيّة منذ الابتدائية. تخيّل ما الذي يفعله التصحّر. الصحراء الإفريقية الكبرى، وجانب منها في الجزائر، كانت غابات كثيفةً قبل سبعة آلاف عام فقط. ارتفاع حرارة الأرض بفعل الاحتباس، يحرق الأخضر واليابس. خبراء الجغرافيا السياسية مولعون باستشراف حروب المياه.
على ذكر الأمازون، مئات ألوف الأطفال يتهددهم خطر الجفاف في منطقة تلك الغابات. من النذر المقلقة، نتائج دراسات المعهد الفيدرالي السويسري لبحوث الغابات، والمعهد النمساوي للعلوم والتقانات، التي توصلت إلى أن أنواع الجفاف التي تدوم أعواماً وتتعدد في كل سنة، في ازدياد متفاقم وتوسع جغرافي. منها جفاف تشيلي الذي استمرّ خمسة عشر عاماً، وهو الأطول منذ ألف عام.
حتى لا نغادر شجون البيئة، من دون مداعبة صفو المثقفين، لا بأس بتذكيرهم أن شؤون البيئة هي رأسمال الشعراء والرسامين والروائيين، فهي أمّ الورود والبلابل والأنهار والأشجار، حتى لا يتخصص التشكيليون في لوحات «الطبيعة الميتة»، إلاّ أن هموم الحفاظ على البيئة والنظام البيئي ثقافة حيوية للجميع.
لزوم ما يلزم: النتيجة الحنينيّة: أيام زمان في الابتدائية، كان لنا نص جميل: «قطرة ماء خير من كنز».

[email protected]

أخبار ذات صلة

0 تعليق