«الأونروا» ومشروعية التحدي - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

على الرغم من دخول قرار إسرائيل بحظر وكالة «الأونروا» التابعة للأمم المتحدة حيز التنفيذ في أواخر يناير/كانون الثاني الماضي، فإن الوكالة الدولية رفعت راية التحدي، وقررت مواصلة تقديم خدماتها للاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة وسائر الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ومع ذلك، فإن الوكالة الدولية لا تزال تواجه مخاطر جدية وتحديات كبرى تستهدف عرقلة خدماتها الإنسانية في لحظة فارقة بالنسبة للفلسطينيين الذين هم في أمسِّ الحاجة إليها، بالتزامن مع حملة إسرائيلية أمريكية غير مسبوقة ضد الفلسطينيين، سواء عبر تصفية «الأونروا» أو مخططات التهجير التي يُرَوَّج لها الآن لتصفية قضيتهم وحقوقهم المشروعة. وبغض النظر عن الذرائع التي تحاول إسرائيل تسويقها عبر اتهام عدد من موظفي الوكالة بالتورط في هجوم 7 أكتوبر، وهو ما نفته الأمم المتحدة ورفضته معظم دول العالم، فإن المحاولات الإسرائيلية لتصفية «الأونروا» أقدم من ذلك بكثير، وهي لم تتوقف منذ لحظة إنشائها بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1949. ويعود ذلك لسببين رئيسيين: الأول، أن قرار قبول عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة كان مشروطاً باعترافها ب «الأونروا» وتسهيل عملها من دون أية تحفظات، والثاني، أن «الأونروا» هي الشاهد الدولي الوحيد على المأساة الفلسطينية ونكبة عام 1948، وهي ترتبط ب«حق العودة» للفلسطينيين، حيث أنيط بها الإشراف على رعاية وإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين إلى حين إعادتهم إلى أرضهم التي هُجِّروا منها، أو إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية.
المفارقة هنا أن القرار الإسرائيلي بحظر الوكالة، غير قانوني ومخالف لقرارات الشرعية الدولية، لأنه يتصل بأرض فلسطينية محتلة. ذلك أن مقر «الأونروا» الرئيسي الذي تم إغلاقه يقع في حي الشيخ جراح في القدس الشرقية المحتلة، وبالتالي، لا يحق لإسرائيل، بموجب القانون الدولي، التصرف أو التدخل أو حتى تفتيش المقار الأممية في المناطق المحتلة. ومعروف أن إسرائيل صرحت أكثر من مرة، بأنها تريد مصادرة مقر «الأونروا» لإقامة حي استيطاني في مكانه، كما أنها حاولت، ولا تزال، تهجير الفلسطينيين من هذا الحي للغرض ذاته، وهناك قضايا لا تزال مرفوعة أمام المحاكم الإسرائيلية.
في كل الأحوال، لم يكن بإمكان إسرائيل تحدي الشرعية الدولية وقراراتها والمجتمع الدولي بأسره، لولا الحماية الأمريكية التي تحول دون مساءلتها وتجعل منها دولة «فوق القانون». وليس حظر «الأونروا» إسرائيلياً وقطع التمويل عنها أمريكياً، في هذا التوقيت بالذات، بعد هدنة غزة، حيث 80 بالمئة من سكان القطاع هم من اللاجئين، سوى إصرار من جانب الطرفين على مفاقمة الكارثة الفلسطينية. وبالتالي فإن التحدي الذي رفعته «الأونروا» بمواصلة خدماتها في مثل هذه الظروف، يمثل تحدياً مشروعاً يجب أن يحظى بدعم المجتمع الدولي، في مواجهة قرارات غير مشروعة وظالمة ومدمرة للشرعية الدولية. وهو بهذا المعنى عنوان للصراع بين الحق والباطل وبين حقوق الشعوب في تقرير مصيرها ومحاولات طمسها وتغييبها.

[email protected]

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق