شطحات علم النفس التربوي - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

عبداللطيف الزبيدي

إلى أين تسير بنا التربية وعلم النفس التربوي؟ «كل يوم تسمع عجيبة». لكن للمأساة مذاقاً خاصّاً حين تأتي مغلفةً ومحشوةً بالمضحكات كشرّ البلية. غير أن عليك الحيطة والحذر فالغمز من قناة القناة يكلّفك الاتهام بأنك عدوّ لحرية التعبير وأنك بكل دِقة «دَقّة قديمة».
إحدى الفضائيات بثّت برنامجاً استضافت فيه من وصفتها بالخبيرة في علم النفس التربوي، والعهدة على مقدمة البرنامج، لكن قبل أيّ تعقيب وتعليق، لا أحد ينكر أن الشاشات العربية تبذل قصارى جهدها في الابتكار، أمّا ما مقدار قصارى الجهد، فمسألة أخرى. مثل ذلك كمثل ذلك الشاعر الذي ألقى مقطوعةً قال فيها: «طريق طويلةْ.. كأبعاد نفسي»، فقال له ناقد: «إذا كانت طويلةً كأبعاد نفسك أنت، فهي سنتيمتران».
موضوع اللقاء كان بحق في غاية الأهمية: «كيف نساعد الطفل على أخذ المبادرة بنفسه والاعتماد على نفسه؟». مَن مِن الأربعمئة مليون عربي لا يتمنى أن يعرف قدر طاقات العرب وإمكاناتهم وقدراتهم حق قدرها؟ هذه الأرض العربية الممتدة من الماء إلى الماء، تحت أرضها وسمائها ثلاثون ألف عام من الحضارات التي علّمت البشرية ما لم تعلم. هي التي أخرجت المجتمعات الآدمية من أدغال الجهل وأهدت إليها الحروف والأرقام. هي التي علّمتهم الاستحمام. هي التي علّمتهم فنون إعداد الطعام. هي التي علّمتهم كيف تُستخرج من الأخشاب الأنغام. هي التي علّمتهم بالمقامات الموسيقية تسكين الأورام. هي التي علّمتهم مدّ الجسور من الأرض إلى الأجرام. هي التي علّمتهم تشييد الحضارة بالأحلام. هي التي رفعت راية أنه لا يبقى إلا وجه ربك ذو الجلال والإكرام.
الذنب ذنب الجاحظ في الاستطراد. تكون في قمة النشوة بموضوع مساعدة الطفل على الاضطلاع بدور الرضيع العربي في معلقة عمرو بن كلثوم، وإذا بخبيرة علم النفس التربوي تريك فجأةً معنى السقوط الحر، بأعجوبة فيزيائية: سقوط حر في انعدام الوزن. قالت: «يجب مساعدة الطفل على طلب الوجبات السريعة بنفسه». بشّرها الله بكل خير، فلم يبق للعربي غير أن يحلّ المعضلة الكبرى: كيف يخترع معجزة تمكّن الطفل العربي من طلب وجبة سريعة من دون اعتماد على أبويه.
لزوم ما يلزم: النتيجة التطمينية: اطمئني أيتها الخبيرة فالآباء من هذا الصنف هم أسرع وجبة!
[email protected]

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق