إصلاح وكالة الطوارئ الأمريكية - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

د. خالد راشد الزيودي*

في خطوة مثيرة للجدل، أمر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفتح تحقيق شامل في وكالة إدارة الطوارئ الفيدرالية (FEMA)، المسؤولة عن التعامل مع الكوارث الطبيعية مثل الأعاصير والفيضانات. جاء هذا القرار بعد أن أبدى ترامب استياءه من أداء الوكالة، حيث اعتبر أنها «ليست جيدة»، مشيراً إلى ما وصفه ب«التحيز السياسي» الذي أثر في فعالية دعمها للمواطنين في المناطق المتضررة من الكوارث، فقد تم تخصيص أكثر من (30) مليار دولار كمساعدات للمناطق المتضررة في السنوات الثلاث الماضية، لكنه رأى أن الدعم لم يكن كافياً.
فقد أصدر الرئيس الأمريكي أمراً تنفيذياً بتشكيل لجنة مراجعة لدراسة آلية عمل (FEMA) وتقديم تقرير مفصل خلال (180) يوماً حول مستقبلها، تضم اللجنة شخصيات بارزة في مجال الأمن الوطني والدفاع، مثل وزيري الدفاع والأمن الداخلي الجديدين، اللذان سيشرفان على التحقيق والتوصية بالتعديلات اللازمة لتحسين كيفية إدارة الوكالة للكوارث.
هذا التحرك يعكس رغبة الرئيس ترامب في إعادة النظر في كيفية تعامل الولايات المتحدة مع الكوارث الطبيعية، في وقت شهدت فيه الوكالة العديد من الانتقادات إثر سلسلة من الأزمات الكبرى التي لم تتمكن (FEMA) من معالجتها بالشكل الأمثل.
هذه الخطوة جاءت بعد زيارة ترامب لولاية نورث كارولينا التي تعرضت لإعصار هيلين في سبتمبر/ أيلول 2024، والذي أسفر عن مقتل أكثر من (100) شخص بحسب المصادر الأمريكية، فخلال الزيارة عبَّر ترامب عن رغبته في تحسين طريقة تعامل (FEMA) مع الكوارث الطبيعية في المستقبل. تصريحاته لاقت تفاعلاً واسعاً على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أعرب العديد من مؤيديه عن رغبتهم في إجراء تحسينات جذرية داخل الوكالة لتعزيز كفاءتها في تقديم المساعدات في الأزمات، ولكن تعرضت (FEMA) أيضاً لحملة من المعلومات السلبية على منصات الإنترنت، ما أسهم في زيادة الانتقادات ضدها داخل المجتمع الأمريكي.
المدير السابق للوكالة، أشار إلى أن هذه الحملة كانت من «أسوأ ما شهدته الوكالة»، ما أثر على جهودها في تقديم المساعدات للمتضررين من الكوارث، ورغم أن ترامب دعا إلى إلغاء (FEMA)، إلا أن الواقع القانوني يشير إلى أنه ليس لديه صلاحية لإغلاق الوكالة من جانب واحد، ف(FEMA) هي وكالة حكومية تحت إشراف وزارة الأمن الداخلي، وأي قرار لإلغائها يتطلب تشريعاً من الكونغرس الأمريكي، وهذا يعني أن الدعوات لإلغاء (FEMA) ستواجه عقبات قانونية كبيرة، ولن تتحقق إلا من خلال عملية تشريعية معقدة وطويلة.
في الوقت نفسه، يبدو أن ترامب مستمر في دفعه نحو إصلاح (FEMA) بشكل جذري، فقد كتب كاميرون هاميلتون، الذي تم تعيينه مؤخراً مديراً مؤقتاً للوكالة، رسالة إلى موظفي (FEMA) موجهاً فيها تأكيداً على أهمية الدور الذي تلعبه الوكالة في الحفاظ على الأمن الوطني، وقال هاميلتون: «(FEMA) هي وكالة أساسية تؤدي مهمة ضرورية في دعم أمننا الوطني، ونحن مستعدون لتنفيذ الإصلاحات الحقيقية والدائمة لتطويرها»، هذا التصريح يعكس استعداداً داخل الوكالة لتنفيذ تغييرات قد تسهم في تحسين فعاليتها في التعامل مع الكوارث في المستقبل.
بالنظر إلى الوضع الحالي، يطرح بعض المختصين ثلاثة سيناريوهات ممكنة لمستقبل (FEMA) السيناريو الأول يتضمن إصلاحات جذرية تشمل إعادة هيكلة كيفية توزيع الموارد وتعديل السياسات الخاصة بتقديم المساعدات، في حال تنفيذ هذه الإصلاحات، قد يتوقع أن تتحسن كفاءة الوكالة وتزداد فعاليتها في تقديم الدعم للمتضررين في أوقات الأزمات، هذا الإصلاح قد يساعد في تعزيز ثقة الشعب الأمريكي في (FEMA) ويعزز من دورها في مواجهة الكوارث المستقبلية.
السيناريو الثاني يتضمن توسيع دور القطاع الخاص في عمليات الإغاثة، قد يتم منح بعض المسؤوليات إلى الشركات الخاصة للمساعدة في إدارة عمليات الإغاثة، هذا الخيار قد يعزز مشاركة القطاع الخاص في الأزمات الكبرى.
أما السيناريو الثالث، فيتضمن استمرار الوضع كما هو عليه، حيث يواصل الرئيس ترامب الضغط من أجل إجراء تغييرات كبيرة على (FEMA)، في حين يرفض الكونغرس إلغاءها، هذا السيناريو قد يؤدي إلى حالة من الجمود السياسي، حيث تظل الوكالة تعمل كما هي، ولكن مع قيود متزايدة على قدرتها على الاستجابة بشكل كافٍ للكوارث، في هذا السيناريو، قد تواصل الوكالة العمل بكفاءة محدودة في مواجهة الأزمات، مما يسبب تأثيراً سلبياً على الأشخاص المتضررين من الكوارث.
بناءً على السيناريوهات التي تم طرحها، يبدو أن السيناريو الأكثر احتمالاً الذي قد تنتهي له اللجنة المشكلة هو إصلاح (FEMA) بشكل جذري، الرئيس ترامب مستمر في دفعه نحو إجراء تغييرات كبيرة على الوكالة، كما أشار إلى أهمية إعادة هيكلة الوكالة وتحسين فعاليتها في التعامل مع الكوارث، الإصلاحات التي قد تشمل تعديل السياسات الحالية وإعادة توزيع الموارد، قد تكون خطوة عملية لتحسين كفاءة (FEMA) بشكل شامل في أسلوب العمل داخل الوكالة، وتحسين قدراتها التكنولوجية والتنظيمية سيكون حلاً قابلاً للتحقيق لمواجهة التحديات المستقبلية التي قد تظهر في حالة حدوث الكوارث الطبيعية الكبرى.

[email protected]

* باحث دكتوراه في إدارة الأزمات والمخاطر

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق