قصة مسرحية قصيرة.. - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

لم يكن سلطان الشاعر يعرف مصطلح العلبة الإيطالية وهو يبني مسرح فرجة الفريج بما توفر من ألواح الخشب، وسعف النخيل، ولم يكن قد درس فن المسرح في معهد أو أكاديمية، ولكنه مع ذلك اسم لا يُنسى في ذاكرة المسرحيين الإماراتيين، ومن لديه الآن أو قبل الآن رغبة في التأريخ للمسرح الإماراتي عليه أن يبدأ من ذلك النموذج الفطري والذي هو عنوان جيل مسرحي بأكمله.
لا نتحدث عن شخص مفرد، بل هي ظاهرة مسرحية، قبل أكثر من نصف قرن كانت في الإمارات ظاهرة رجال أحبّوا المسرح وبدأوا من الصفر، وقد كانوا يحبون المسرح من أجل المسرح.. من أجل الفرجة والتمثيل ونشر السعادة في مجتمع كان يكدّ ويتعب في الجبل والصحراء والبحر.
عدّد على أصابعك:.. مريم سلطان، السيدة التي اختارت هذا الشكل من الفن بجرأة وشجاعة هي ورفيقتها موزة المزروعي.. السيدة القوية، ذات الشخصية الحضورية التي تحتاج إليها الخشبة دائماً، سواء في مسرح الفريج أو من مسرح الاحتراف.
جمعة غريب.. ابن البيئة.. «اللّا غريب» عن المكان والزمان، ثم محمد الجناحي الذي كان يحلّق بجناحين غنائيين في زمن ثقافة البحر ورموزه لا من غوص، ونوخذة، ولؤلؤة قد تكلّف البحّار الفقير حياته البسيطة المملّحة بماء هذا المدى الأزرق من الماء.
عبيد بن صندل.. مُوَثّق التراث وأحد رموز الثقافة الشعبية الإماراتية، وابن البحر أيضاً، كما هو ابن الحكاية المنسوجة من روح المكان.
جيل مسرحي إماراتي عتيق.. قديم مثل النخلة. وعريق مثل البيدار: محمد ياسين، سعيد بوميات، حمد سلطان، أحمد غبيوات، ظاعن جمعة، إبراهيم جمعة، وغيرهم من صنّاع فرجة الفريج بتلك الأرواح العفوية التي فهمت المسرح على أنه حياة ومجتمع وثقافة.
في حضرة أيام الشارقة المسرحية الكريمة بعروضها الأصيلة المثقفة هذه الليالي بين قصر الثقافة وبيت الشعر، يعود المسرحيون الشباب منهم والشيّاب في جيل مسرح ألواح الخشب. جيل النخلة وبركتها والتفاؤل بها من بيئة اجتماعية وثقافية إماراتية عرفت المسرح قبل عقود من الزمن الذي تحوّل إلى ذاكرة، وإلى تاريخ.
أيّام الشارقة المسرحية ولياليها.. ليست مجرد عروض ومتابعات فكرية ونقدية فقط، بل هي أيضاً إلى جانب كل ذلك ذاكرة للمسرح تستعيد أولئك القدامى الذين عرفوا المسرح بالسليقة من دون نظريات ومن دون مصطلحات، وما كان لديهم من الإمكانيات والمؤهلات سوى ذواتهم الجميلة الشعبية،.. وما كان لديهم سوى أصواتهم وأجسادهم وأحلامهم الصغيرة آنذاك، والتي كبرت اليوم، وصارت أيام وليالي الشارقة المسرحية.

[email protected]

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق