غياب علوم الأبعاد القصوى - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

لسائل أن يسأل: أليس العنوان في حدّ ذاته غير علمي، فلا وجود لمصطلح من هذا القبيل؟ لكن الغاية إيجابية، فكيف تفسّر وتبرّر أداء عقل لا تضيء جوانحه نار صبابة العلوم الاستقصائية؟ دماغ غير مغرم بالفيزياء الفلكية في أكبر كبير، أي الكون، ولا هو مفتون بفيزياء الكمّ في أصغر الصغير، أي الجُسَيْمات ما دون الذرّة، عقل غير متيّم بالترحال البعيد على قطار آلة الزمن إلى مجاهل نشأة الحياة على كوكبنا، أيامَ كانت الأرض مراهقةً متوهجةً، لم تتجاوز بكثير مليارها الأول.
ذلك العقل لا يغريه ما في مكنونات المطمورات في الأمس غير البعيد، قبل مئتي مليون عام، حين انبرت الدناصير لضعاف المخلوقات، مثلما تلهو عفاريت المجتمع الدولي بالأجنحة المتكسرة. تلك حكمة التاريخ، فلم يتبقّ من الديناصورات غير هذه الطيور التي تطربنا بلابلها.
هذا الحديث يُساق إلى المناهج العربية بطرح القضية: متى يجب زرع بذور البحث العلمي في أذهان الأجيال؟ حين ندرك غياب علوم الأبعاد القصوى. الزلة التربوية الكبرى، هي ترك البذار إلى المرحلة الجامعية. الأمثال أحياناً أفضل من مكتبة نظرية. هل يعبأ المفكّر التربويّ بعبارة تبدو ساذجة، مثل: «التعليم في الكبر، كالنقش على الماء»؟ لكن لم ينظر إليها المعنيّون كمحرك لإطلاق مسبار مستقبلي. يجب أن يُؤسس البحث العلمي منذ الابتدائية، بل قبلها. في الثانوية يكون الأوان قد فات. المسألة مرتبطة بالمنهجية التي يتربّى عليها أداء الدماغ وهو غضّ نديّ.
من الضروري فهم علّة غياب العلوم الاستقصائية. ما يحول دون كسر الحلقة المفرغة التي تدور فيها المناهج العربية، هو عدم النظر إلى أن الرياضيات والفيزياء والكيمياء والأحياء، إنما هي سلسلة مترابطة عضويّاً، وليست أرخبيل جُزر. نظام التربية والتعليم يحتاج إلى فكر وفلسفة.
انظر إلى الكون، إنه نشأ من نظرية واحدة، والفيزيائيون منذ عقود يبحثون عن «نظرية الكل» التي تضم القوى الأربع، أي النظرية التوحيدية.
تأمل انصهار التوحيد في الإيمان والفيزياء. أينشتاين يقول: «ثمّة علم واحد هو الفيزياء، الباقي كله تفاصيل». لكن العظمة الإيمانية لدينا في الإسلام، هي في تجلي نظرية الكل في توحيدنا، إنه فعل الأمر الوحيد «كُنْ»، فيكون الخلق في تسلسل الرياضيات، الفيزياء، الكيمياء، الأحياء.
لزوم ما يلزم: النتيجة الفكرية: يجب إعداد النشء الجديد من منطلق مستقبل التربية، الذي ستلتقي فيه العلوم والمعارف. لا «كانتونات» في المعرفة. على المناهج العربية عدم الاكتفاء بتفريخ الموظفين، فالأمانة صناعة الأدمغة والعقول.

[email protected]

أخبار ذات صلة

0 تعليق