شجون مهرجان الموسيقى العربيّة - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

هل تابعت الجدل الذي شهده الوسطان الإعلامي والفني، في مصر، في شأن «مهرجان الموسيقى العربية»، الذي سيستمر حتى الرابع والعشرين من أكتوبر الجاري؟ سبب النقاش هو رأي أفراد من الوسطين أنه ليس مناسباً الاحتفاء والاحتفال بالموسيقى والموسيقيين، بينما ضرام الوغى يأكل الأخضر واليابس. لا عيب في هذا الرأي سوى توهّمه أن الموسيقى لهو ولعب. ماذا لو قيل لهؤلاء: إن في جدول الليلة: «زهرة المدائن»، «مصر تتحدث عن نفسها»، «سنرجع يوماً إلى حيّنا»، «دعاء الشرق».؟
المسيرة الانحدارية التي وقعت فيها الموسيقى العربية، مأساة في مقام صبا. عصر ازدهارها كان وجيزاً، بين 1920 و1960، زدها عشراً كحد أقصى. كانت سريعة الاشتعال، سريعة الانطفاء. ليت الساحة بعد ذلك أقفرت، فقد عجّت وضجّت ولجّت بالهبوط والسقوط والتهريج والتمريج. لم يعد فيها أساطين ولا من يتسلطن. مهرجان هذا العام بالذات يزيدنا شجناً على شجن، وشجىً على شجىً في دجى سجى، فالدورة الحالية هي الثانية والثلاثون. على الموسيقيين العرب أن يقفوا للبكاء من ذكرى مؤتمر الموسيقى العربية 1932 في القاهرة. أليست تراجيكوميديا عجيبةً أن موسيقانا اليوم متخلفة تسعين سنة عمّا كانت عليه قبل تسعة عقود في ذلك المؤتمر؟ أيّامها استقبلت القاهرة مجرّة موسيقيين من بلاد العُرْب أوطاني، ومن تركيا، إيران، فرنسا، إيطاليا، ألمانيا، بريطانيا، إسبانيا، المجر، النمسا، تشيكوسلوفاكيا...
أين الموسيقى العربية من الأفكار الرائدة التي طرحها ذلك المؤتمر؟ بل أين هي من الانطلاقة الأوبرالية العملاقة بمناسبة افتتاح قناة السويس 1869وعرض أوبرا «عايدة» للمؤلف الموسيقي الإيطالي فيردي، وكانت جديرةً بفتح آفاق جديدة للموسيقى العربية، ولكنها فرصة ضاعت. ثم جاء مؤتمر 1932 بتيار منقطع النظير؛ لأنه كان ملتقىً لطرح القضايا الفكرية والنظرية للموسيقى العربية وعلاقتها بالشرق وبالغرب. ولكن لا حياة لمن تنادي، وليتها ظلت «مكانك سر».
اليوم، لم يعد في أوساط الموسيقى العربية من يكتب كلمات حبّ للحبيب، للوطن الحبيب، للوطن العربي الكبير الحبيب، للأمّة الحبيبة، للأرض الحبيبة تحت سمائها الحبيبة. لم تكد موسيقانا تتنفس الصعداء ببضعة عقود سنباطية، وهابية، زكريائية، بليغية، رحبانية، حتى كانت الهاوية الفنيّة القسريّة، التي هوت فيها الفنون في سقوط حرّ مريب: توارى الأساطين في الكلمة واللحن والأداء، وانهارت منظومة القيم الفنيّة. صحا العرب على اختفاء قمرة القيادة الفنيّة، عقود قليلة سمينة، أكلتها ولا تزال تأكلها عقود مديدة عجاف.
لزوم ما يلزم: النتيجة الفهميّة: على المستهينين بالموسيقى، أن يتذكّروا شوبان الذي لعب بمارشاته دوراً فعّالاً في تحرير بولندا من بروسيا.
[email protected]

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق