عالم يجوع - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

رغم أن حروب الشرق الأوسط وأوكرانيا تلتهم البشر والحجر، فإن الصورة الكارثية الأخرى تتجلى في المجاعة التي تحولت إلى سلاح في الحرب، حيث يعاني مئات الآلاف الذين أرغموا على ترك منازلهم مجاعة قاتلة في كل من غزة ولبنان.
إلا أن هناك وجهاً قاتماً آخر للمأساة بسبب التغيير المناخي الذي يضرب الكرة الأرضية بسبب عبث الإنسان بها، وكأن هناك تحالفاً غير معلن ضد البشر بين من يعبثون بالطبيعة وبين من يثيرون الحروب.
في لبنان، هناك أكثر من مليون و200 ألف لاجئ باتوا يحتاجون إلى الدعم والمساعدة لتمكينهم من الصمود ومواجهة ظروف الحرب، وفي غزة يعاني معظم أهلها الذين يعيشون في الخيام ومراكز الإيواء القصف اليومي المتواصل ومجاعة تحولت إلى «كارثة إنسانية» حسب تقارير المنظمات الإنسانية الدولية، خصوصاً بعدما أقدمت إسرائيل على منع وصول المساعدات الإنسانية إلى شمال غزة منذ أكثر من شهر، إذ تؤكد المنظمات الدولية أن نسبة الفقر وصلت إلى مئة في المئة، ونسبة التضخم تجاوزت 250 في المئة. وفي أوكرانيا هناك نحو 7 ملايين شخص يواجهون انعدام الأمن الغذائي العام.
هذا وجه واحد من الصورة البائسة، أما الوجه الآخر فكان من برنامج الأغذية العالمي الذي حذر مؤخراً من أن ملايين البشر في مختلف أنحاء جنوب إفريقيا يعانون الجوع بسبب الجفاف التاريخي الذي يضرب المنطقة، ويهدد في ظل نقص التمويل ب«كارثة إنسانية واسعة النطاق»، إذ إن خمس دول في جنوب القارة هي ليسوتو وملاوي وناميبيا وزامبيا وزيمبابوي أعلنت مؤخراً أنها في «حالة كارثة وطنية» بعد أن دمر الجفاف قسماً كبيراً من المحاصيل الزراعية والثروة الحيوانية. وأطلق البرنامج نداءً لتقديم مساعدات عاجلة لمنع تحول الجفاف الواسع النطاق إلى كارثة حقيقية يصعب تصورها. وأوضح البرنامج أنه لم يتلق سوى «20% من مبلغ ال369 مليون دولار اللازم لتأمين المساعدات الطارئة لهذه المنطقة».
أرقام مهولة أخرى صدرت قبل يومين عن خمس وكالات أممية متخصصة أشارت إلى أن واحداً من بين كل 11 شخصاً في العالم يعاني الجوع، وأن أكثر من 2.8 مليار شخص لا يستطيعون تحمل تكاليف نظام غذائي صحي. وأبلغت المديرة العامة لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة سيندي ماكين مجلس الأمن بأن أزمة الجوع العالمية خلفت أكثر من 700 مليون شخص لا يعرفون متى سيحصلون على وجبتهم التالية، وأكدت أن الطلب على الغذاء يزداد اطراداً فيما يجف التمويل الإنساني.
وبينما يجف التمويل الدولي الإنساني لمواجهة جائحة الجوع الناجمة عن الحروب والتغير المناخي، فإن الدول الكبرى تتسابق على شراء السلاح بمليارات الدولارات لإثارة الحروب والفتك بالبشر، إذ كشف معهد إستوكهولم الدولي لأبحاث السلام عن ارتفاع تاريخي للإنفاق العسكري العالمي العام الماضي، حيث بلغ ما يقرب من 2.5 تريليون دولار في أعلى مستوى له في التاريخ، وقد ازداد هذا الرقم خلال العام الحالي. ووفقاً للمعهد، فقد شملت زيادة نفقات العالم العسكرية القارات الخمسة، وتصدرت الولايات المتحدة قائمة أكبر المنفقين العشرة.
إنها صورة سوداوية تحيط بالعالم، حيث الجوع والحروب والكوارث الطبيعية تلتقي في سباق متسارع لتشكل معاً نهاية كارثية للحضارة وكل ما حققه الإنسان من تقدم.. إذا لم يتم إدراك معنى الحياة وقيمتها في أسرع وقت.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق