سيناريوهات استشرافيّة مقلقة - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

عبداللطيف الزبيدي

إلى أين المسير يا حادي «جوجل»؟ ما كدتَ تبلغ الفطام رضيعاً، حتى جثت عندك جبابرة المعلوماتية والبرمجيات الموسوعيّة. غدوتَ أكبر رأس في عتاولة الإمبريالية الرقمية، من محرّك بحث أضحيتَ مارداً «شبّيكيّاً لبّيكيّاً» تتجاوز الحدود وتتعدى الآفاق وتتخطى الفضاءات، كأنك صوفيّ من حمَلة مفاتيح الأسرار، يسع قميصك الأفلاك السبعة.
أيها العفريت: هل صحيح ما نشره الموقع الفرنسي «مستقبل العلوم» (17 أكتوبر)، تحت عنوان: «جوجل يشقّ الطريق إلى النووي: ميني مفاعلات ستدعمه». لا شك في أن هذه ليست المفاجأة الأولى. قبلها صاح مراراً: «أنا ابن جلا وطلاّع الثنايا». مغامراته لا تحصى، في المعلوماتية، العلوم الفضائية، الفيزياء الفلكية، صناعة الأدوية، العلوم العصبية، الذكاء الاصطناعي... لا بدّ من وقفة «وقوفَ شحيح ضاع في الترب خاتمُهْ». السؤال: ما حاجة محرك البحث إلى المفاعلات النووية؟
«جوجل» ينظر إلى بعيد. بالمناسبة: ليس عيباً، أن تقتفي أثره التنميات المتعثرة، لعلها تنير شعوبها بقبس آفاق مستقبلية، أو تجد في التجارب الناجحة ما يحلحل الأحوال وينقذ من ضلال المتاهات العاثرة. الغاية أن الذكاء الاصطناعي سيتضاعف الاعتماد عليه في جميع المجالات، على نحو غير مسبوق. المشكلة هي أن الآلة الذكية لا يعرف نهمها إلى الطاقة حدوداً، دائماً تقول هل من مزيد؟ التوقعات تشير إلى أن سنة 2030 ستكون أشدّ ظمأً وجوعاً إلى الطاقة. العناوين الطاغية بعد ستة أعوام هي: النقل، الطاقات المتجددة، الوصول إلى الكهرباء.
لهذا وقّعت «جوجل» اتفاقية مع شركة «كيروس باور» في كاليفورنيا، للحصول على مفاعلات نووية صغيرة، تكمن أهميتها في أن طاقتها خالية من الكربون، لتغذية المشاريع المرتبطة بالذكاء الاصطناعي. تكنولوجيا «كيروس باور» تتمثل في بناء مفاعلات صغيرة تستخدم نظام تبريد قائم على أملاح مذابة. المهم هو أن المفاعل الصغير يولّد حوالي ثلث المفاعل المتعارف عليه. لكن المزيّة في الميني مفاعل هي أنه أسرع إنجازاً في بنائه.
تُرى، ما هي الخواطر التي عبرت أفق خيالك، في أثناء قراءة الأسطر السابقة؟ أمّا القلم فلكونه قطعة بلاستيك، أو لوحة مفاتيح، وفي الحالتين ليس له وجه يحمرّ، فإنه تركني أُكمل العمود، وراح بعيداً يفكّر في موضوع أثاره مراراً، وهو الطبقيّة العلمية والتقانية، التي ستفاجأ بها البلاد المتعثّرة تنمويّاً، عندما تتحول تلك المؤسسات الديناصورية إلى كائنات اقتصادية سياسية خارجة عن السيطرة، تسخّر الشعوب الضعيفة كخاتم في إصبع، بدعم من الحيتان الزرقاء.
لزوم ما يلزم: النتيجة المنطقية: حين تمسك تلك القوى الجديدة بمقاليد دول التنميات المتعثرة، فسوف تستخدم شعوبها كيد عاملة. هل لديك حاسّة شمّ؟
[email protected]

أخبار ذات صلة

0 تعليق