الإمارات.. والعلاقات الدولية - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

محمد خليفة
العلاقات المتميزة والنوعية، التي تربط دولة الإمارات العربية المتحدة بدول العالم، نجحت في تأسيس مبادئ الثقة والاحترام المتبادل والتعاون المشترك وتبادل الخبرات والتنسيق حيال المستجدات، وهو ما أفرز حراكاً اقتصادياً منتجاً على الأرض وبناء جسور أخرى من التعاون والثقة المتبادلة.
في إطار ذلك، جاءت زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، إلى جمهورية صربيا في 5 أكتوبر/ تشرين الأول لتكرس واقع العلاقات المتطورة بين الدولتين، واستكشاف الفرص الواعدة، لزيادة التعاون بما يعود بالنفع على كلتا الدولتين. فالعالم على ما يبدو على صعيد العلاقات الدولية اليوم ليس سوى مقدمة لتحولات أكثر عمقاً، وإن ما نشهده هو بداية بنية عالمية لقوى اقتصادية جديدة واعدة، ستشكل معايير السياسة الدولية على المدى المستقبلي المنظور.
إننا أمام تحولات كبيرة في المعطيات الجيواستراتيجية على الصعيد الدولي، ودولة صربيا لديها مواقف إيجابية تجاه القضايا العالمية، سواء في النواحي التنموية أو الاقتصادية والتجارية، كتلك التي تتخذها دولة الإمارات. ومن هذا المنطلق، شهد الرئيسان، صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، والرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش، تدشين الشراكة الاستراتيجية الواسعة بين دولة الإمارات وجمهورية صربيا، حيث صرح سموه: «صربيا شريك مهم ضمن برنامج الشراكات الاقتصادية الشاملة وإن الاتفاقية تلبي الطموح المشترك لكلٍ من دولة الإمارات العربية المتحدة وصربيا من أجل حقبة جديدة من التعاون والنمو المستدام لاقتصادي البلدين».
وتمهد هذه الاتفاقية الطريق أمام زيادة تدفقات التجارة والاستثمار والتعاون الثنائي بين الدولتين، بما يعزز تبادل المعرفة وخلق فرص للمشاريع المشتركة في القطاعات المختلفة. والعلاقات بين الدولتين أصيلة، إذ تعود إلى عام 1971 عندما أقامت جمهورية يوغوسلافيا الاتحادية السابقة علاقات دبلوماسية مع الإمارات العربية المتحدة، لكن هذه العلاقات تجددت وتعمقت كثيراً مع صربيا التي هي وريثة يوغسلافيا، فقد بدأ تطوير العلاقات الثنائية بين الدولتين من خلال الزيارات المتبادلة على أعلى مستوى بين البلدين. وتم توقيع العديد من الاتفاقيات التي تصب في المصلحة المشتركة للبلدين. ومنذ عام 2013، دخلت «طيران صربيا» و«الاتحاد للطيران» في شراكة استراتيجية، وبموجب الاتفاقية، استحوذت «الاتحاد للطيران» على حصة تسعة وأربعين في المئة، وحقوق الإدارة لمدة خمس سنوات، بينما احتفظت الحكومة الصربية بنسبة واحد وخمسين في المئة.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول من ذلك العام تم إطلاق أول رحلة افتتاحية لهذه الشراكة من بلغراد إلى أبوظبي، ومن ضمن المشاريع الاستثمارية المشتركة بين دولة الإمارات وصربيا مشروع الواجهة البحرية لبلغراد، وقد استهدف هذا المشروع تحسين المشهد الحضري والاقتصادي في بلغراد، وبدأ المشروع بين حكومة صربيا وشركة «إيجل هيلز»، وهي شركة استثمار وتطوير خاصة رائدة مقرها أبوظبي، حيث تم استثمار حوالي ثلاثة ونصف مليار دولار من قبل الحكومة الصربية وشركائها في الإمارات العربية المتحدة، والنقطة المركزية في المشروع هي مبنى «كولا» بلغراد، الذي يبلغ ارتفاعه مئة وثمانية وستين متراً، وهو يطل مباشرة على الضفة اليمنى لنهر سافا، وفي المجموع فقد تم بناء حوالي مليون وثمانمئة ألف متر مربع، وأصبحت تلك الواجهة مقصداً للسياح والمتنزهين. وقد مهدت الاستثمارات الكبيرة في الصناعات المتعلقة بالدفاع وأشباه الموصلات في صربيا الطريق للتعاون واسع النطاق بين البلدين.
وفي سبتمبر/ أيلول 2023، تم إطلاق المحادثات بخصوص شراكة استراتيجية بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية صربيا. وتهدف تلك الشراكة إلى المساهمة في زيادة تدفقات التجارة غير النفطية بينهما، والتي سجلت 57.6 مليون دولار في النصف الأول من ذلك العام، وفق بيانات وزارة الاقتصاد الإماراتية، وهو أكثر من ضعف الرقم الذي تحقق في عام 2020 بأكمله. كما تهدف تلك الاتفاقية إلى تسهيل تدفق الاستثمارات التي تتوزع على عدد من القطاعات الحيوية وتشمل الزراعة والأمن الغذائي والعقارات والبنى التحتية.
وتستند العلاقات الاقتصادية بين الدولتين الصديقتين إلى قاعدة صلبة من العلاقات السياسية الجيدة، وهما تواصلان تعاونهما البنّاء لزيادة التبادل التجاري والمشاريع الاستثمارية. وتعد اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بينهما، الأولى ضمن برنامج الشراكات الاقتصادية الشاملة التي تبرمها دولة الإمارات مع دولة ليست عضواً في منظمة التجارة العالمية بنسبة تحرير وتخفيض للرسوم تصل إلى ستة وتسعين في المئة، وذلك في ظل الإمكانيات الكبيرة لرفع التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين الصديقين.
وتشكل هذه الاتفاقية، جسراً حيوياً إلى دول منطقة البلقان، ودول جنوب وشرق قارة أوروبا. وهي تعكس الطموح المشترك بين دولة الإمارات وصربيا لإطلاق حقبة جديدة من التعاون الثنائي وتعزيز النمو الاقتصادي لكلا البلدين. ووفق بيانات وزارة الاقتصاد الإماراتية فقد بلغ إجمالي التجارة البينية، غير النفطية، بين دولة الإمارات وصربيا نحو مئة وثلاثة وعشرين مليون دولار في عام 2023، مع توقعات بالوصول إلى 500 مليون دولار في التجارة الخارجية غير النفطية مع صربيا خلال السنوات الخمس المقبلة. وتعتبر دولة الإمارات الشريك التجاري الأول لصربيا بين دول مجلس التعاون الخليجي، وهي ثالث أكبر سوق للصادرات الصربية في الشرق الأوسط، كما تعد الشريك التجاري الرابع لصربيا ضمن مجموعة الدول العربية وإفريقيا.
[email protected]

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق