تعد العلاقات الاجتماعية بين الناس، واحدة من أهم أسس الحياة المستقرة، فالإنسان بطبعه كما هو معروف اجتماعي، يأنس بالآخرين، وهو يألف بمحيطه وبمن معه، وكلما كان محيطك الاجتماعي فاعلاً وبناءً، كانت مسيرتك وتوجهاتك أكثر صواباً وصحة، فالإنسان بمن يرافق، لأن الرفقة لها تأثيرها البالغ في الفرد، هناك تأثيرات مباشرة، وهناك تأثيرات غير مباشرة، ومثل هذه التأثيرات تصل إلى حد الحركات والسكنات والطبائع، والنظرة لمجمل شؤون الحياة، لذا، من الأهمية معرفة من هو الإنسان الذي تقضي معه جل وقتك.
لكن لا يمكن بناء علاقات قوية بمحيط مجتمعك، دون أن تكون قد أوليت جانباً مهماً للرعاية والاهتمام، وهذا الجانب هو نفسك، نعم رعاية نفسك أولاً، وهذا يعني منح نفسك الرفاهية الذاتية، لأنها من العناصر الأساسية التي تسهم في بناء علاقات اجتماعية صحية ومستدامة مع الآخرين، والعناية بالنفس، تعد ضرورية، لأنها تعزز الصحة النفسية والجسدية على حد سواء. فالإنسان الذي يعتني بسلامته النفسية، يعني أن مستويات القلق والتوتر والاكتئاب، منخفضة جداً، وبالتالي، هو أكثر قدرة على التفاعل بشكل إيجابي مع الآخرين، بل لديه القدرة على التحكم في مشاعره، والحكم على المواقف بشكل موضوعي ودقيق. وهناك خبرات حياتية ودراسات علمية، تثبت هذا الجانب، وأن من يقومون برعاية أنفسهم ذاتياً، يتمتعون بمستويات أعلى من السعادة والرضا عن الحياة، ولعل السبب يعود لتنامي الثقة بأنفسهم. كذلك العناية بالنفس، تنعكس على التفاعل مع الآخرين، وهذا يعني مشاركة أوسع في الأنشطة الاجتماعية، ودون شك أن من يشعر بالراحة النفسية والجسدية، يكون في حالة مزاجية وذهنية تمكنه من الانفتاح على الآخرين، وهو ما يعني بناء علاقات اجتماعية أكثر ديمومة وفائدة وإيجابية له.
وإذا أمعنا التفكير في هذه الجوانب، فسنجد أنها بديهية، لأن من يعتني بنفسه، يكون في حالة هدوء وتصالح، ولا يعاني التشتت أو القلق، ولا التوتر، وبالتالي، تنخفض لديه احتمالية المواجهة أو حدوث صراعات في العلاقات التي تحيط به.
أتذكر إحدى الصديقات، كانت تعاني حالة اكتئاب، بسبب ظروف مرت بها، وبمجرد أنها بدأت في العناية بنفسها، ووضعت جدولاً لممارسة الرياضة، والاهتمام بالنواحي الروحية والجسدية، بدأت في التحسن، وهو ما انعكس على علاقاتها مع عائلتها ومحيطها الاجتماعي، بشكل إيجابي.
رعاية النفس والاهتمام بها، ليست أنانية، ولا هي ذاتية، بل من المهم أن نهتم ونرعى أنفسنا، وكما يقال القوة تبدأ من الداخل.
[email protected]
www.shaimaalmarzooqi.com