استشراف إعادة تدوير الهوية - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

هل ستضنّ النخب العربية على الأمّة بهذه المهمّة؟ إليكِ يُساق الحديث يا ريادات الفكر والثقافة، المشهود لها بحمل الأمانات الكبيرة، في الرهانات العسيرة. لا وقت لدينا للتفكير في تسوناميات المقادير، فتقلّدوا سيوف الأقلام لخوض هذه المعركة الحامية الوطيس. حتى الأشد فيكم فطنة، لا يمكن أن تكون لديه أدنى فكرة عن هذا المشروع المستقبلي المصيري، لكن المطلوب لن يكلّف النفوس المثقفة إلاّ وسعها.
الخرائط مشرفة على التغيير، والتاريخ والجغرافيا مقبلان على التحوير والتزوير، من دون استشارة أو تخيير، وهذا يستتبع رسماً جديداً للحدود. يقيناً، هذه المسائل لا دخل للمثقفين فيها، فليس من المعقول أن نطالب الشعراء والموسيقيين بحماية الثغور والحفاظ على أوطان مُضاعة. أمّا ما هو في صميم مجالاتهم ومصالاتهم، فهو أن يغربلوا أكوام منظومات القيم التي على الشعوب العربية أن تستغني عن خدماتها وتحيلها على التقاعد.
بداهةً، عندما تتغير الخرائط يتغير التاريخ أيضاً، فالمدن والبلدات والقرى، بسهولها وتلالها، قد يُغيّر الوارثون معالمها وأسماءها، وتُمحى آثار أهليها أو يُنفون من الأرض، ويعاد تدوير هويتهم وانتماءاتهم. هذه الأمور ليست من مشمولات الثقافة، فما يرجى من المثقفين التفضل به هو أن يستبْقوا من التراث الأدبي والفكري ما يتناسب مع علامات ساعة الشرق الأوسط، حتى وهم لا يعلمون مثقال ذرة ممّا سيحدث.
«تلك الأمور كما شاهدتها دولٌ» في مهب الريح، أو تتداعى كأحجار «الدومينو»، والظروف تضحك من ذقون التلاميذ والطلاب: «فلا تقنع بما دون النجوم»، نجوم الظهر، معقول، أو «وطعم الموت في كذا كطعم الموت فيما لست أدري»، وطعم الموت في غزة كطعم الموت في لبنان، كلام سليم. أو «وللحرية الحمراء بابٌ.. بكل يد مضرّجة يُدقُّ»، إذا كان الباب مخلّعاً فلا بأس، أو اليد مضرّجة والإسعاف مقصوف ولا أحد يفتح الباب، فهنا تستقيم الصورة.
قلت للقلم: ويحك، هل ستنسى المكتبة الموسيقية، ففيها ما يحتل مساحات لن تكون إليها حاجة؟ ماذا يفعل الناس بشيء من قبيل «أمماً شتى ولكن العلا.. جمعتنا أمّةً يوم الندا». أيّ ندا؟ ومضة نوسترداموسيّة فيروزية: «لا تندهي ما في حدا».
لزوم ما يلزم: النتيجة الورقية: هل تدري إذا حُذف ما لا يوافق الشرق الأوسط الجديد، كم مليون طن من الأوراق تنتج إعادة تدوير الكتب؟

[email protected]

أخبار ذات صلة

0 تعليق