تتقلص مساحة المؤيدين للاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، وبالتالي لدعم أوكرانيا في القارة الأوروبية، فيما يكسب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المزيد من المؤيدين، ما يشكل انتصاراً سياسياً لروسيا، ويضع التحالف الغربي أمام واقع جديد يفرض عليه مراجعة مواقفه، ويتعايش مع الواقع الجديد من خلال البحث عن وسائل تحفظ الأمن الأوروبي وتبعده عن مواصلة الصراع مع روسيا.
فبعد فوز الحزب الحاكم في جورجيا (الحلم الجورجي) الموالي لروسيا بزعامة بدزينا إيفانشفيلي في الانتخابات التشريعية التي جرت في 26 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بحصوله على 54.08 % من الأصوات مقابل 37.58 % للائتلاف المعارض المؤيد للوحدة الأوروبية وحلف الأطلسي واستمرار دعم
أوكرانيا، تمكن المرشح المؤيد لروسيا في رومانيا الموصوف باليميني المتطرف، كالين جورجيسكو(62 عاماً) من تحقيق مفاجأة غير منتظرة بتصدر نتائج الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية التي جرت يوم الأحد الماضي، حيث حصل على 22.59 % من الأصوات، في مقابل 19.55 % لرئيس الوزراء المؤيد لأوروبا وحلف الأطلسي مارسيل شيولاكو، وحلت إيلينا لاسكوني، وهي رئيسة بلدية صغيرة وتترأس حزباً من يمين الوسط في المركز الثالث بحصولها على 18.84 % من الأصوات، فيما حل المرشح القومي جورج سيميون رابعاً بحصوله على 13.94 % من الأصوات، على أن تجري الجولة الثانية من الانتخابات يوم 8 من ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
المفاجأة التي حققها إيفانشفيلي، أن استطلاعات الرأي التي سبقت الانتخابات أعطته أقل من 10 %، وهو ما يفسر أن الرومانيين البالغ عددهم 19 مليون نسمة باتوا يتوقون للتغيير، وسط ارتفاع التضخم وتداعيات الحرب الأوكرانية عليهم، خصوصاً أن بلادهم المجاورة لأوكرانيا تعتبر من أكبر داعميها في شرق أوروبا ما أرهق اقتصاد البلاد، كما قدمت أنظمة صواريخ باتريوت، ومنحت كييف حق استخدام ميناء كونستانتا على البحر الأسود لتصدير الحبوب.
بين عشية وضحاها انقلبت المعايير، وخرج من السباق رئيس الوزراء شيولاكو، وأعلن أنه سيتخلى عن رئاسة الحزب الديمقراطي الاشتراكي بعد هزيمته، وأنه «لن يطعن بنتائج الانتخابات»، وهو ما يعطي جورجيسكو أفضلية الفوز، وربما يعيد اصطفاف رومانيا مع المجر وجورجيا وصربيا إلى جانب موسكو، حيث أعلن بعد فوزه «أن الشعب الروماني هتف بأعلى صوته للسلام»، أضاف: «اليوم، أظهرت رومانيا الشجاعة للوقوف والتوقف عن قبول الإذلال وإعادة تأكيد هويتها»، ونقلت وسائل إعلام رومانية عنه قوله: «إن بوتين رجل يحب وطنه»، وهو لا يخفي معارضته لحلف الأطلسي والاتحاد الأوروبي، واعتبار دعم أوكرانيا أنه «تلاعب جيوسياسي لتحقيق مصالح أمريكا»..
بعد ثلاثين عاماً من هيمنة الحزب الديمقراطي الاشتراكي على الحياة السياسية في رومانيا، وانضمامها إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي ها هو مرشح «مغمور» يتحول إلى مرشح أول وأقوى للرئاسة، ما يعيد خلط الأوراق مجدداً في رومانيا وعلى الساحة الأوروبية وبالنسبة للحرب الأوكرانية.
0 تعليق