قبل أيام، وأثناء تصفحي مواقع التواصل الاجتماعي، لفت انتباهي أحد الحسابات التي تعرض مقاطع فيديو لحوادث مرورية من دول مختلفة حول العالم، ما أثار دهشتي أن جميع السيارات في تلك الفيديوهات كانت مزودة بكاميرات مثبتة على الزجاج الأمامي والخلفي، تصور الشارع بزاوية واسعة ووضوح عالٍ، هذه الكاميرات وثّقت لحظات وقوع الحوادث، ما جعل تحديد المتسبب فيها أمراً في غاية السهولة، سواء كان سائقاً أو أحد المشاة الذين يعرّضون حياتهم وحياة الآخرين للخطر.
هذا النظام دفعني للتفكير في مدى فائدته لو تم تطبيقه لدينا في الإمارات، تخيل لو أصبح تركيب هذه الكاميرات، المعروفة بـ”الداش كام”، إلزامياً في جميع السيارات، فإن ذلك سيمثل نقلة نوعية في إدارة الحوادث المرورية، حيث في كثير من الحالات، تعتمد تقارير الحوادث على شهادات متناقضة بين الأطراف المتضررة، ما يؤدي أحياناً إلى قرارات قد تكون غير دقيقة، لكن مع وجود الكاميرات ستصبح التفاصيل موثقة، ما يضمن قرارات أكثر دقة، ويحد من الاجتهادات وإطالة الإجراءات.
إلى جانب ذلك، تتمثل ميزة أخرى لهذه الكاميرات في تقليل الازدحامات المرورية الناتجة عن توقف السيارات المتضررة في موقع الحادث بانتظار المخطط، فمع تسجيلات الكاميرات، يمكن إزالة السيارات من الطريق فوراً دون التأثير في حركة المرور.
علاوة على ذلك، يمكن لهذه الكاميرات أن تكون أداة فعالة لتحسين السلوك المروري، فعندما يدرك السائقون أن جميع تصرفاتهم على الطريق موثقة، سيزداد حرصهم على الالتزام بالقوانين المرورية، كما يمكن استخدام التسجيلات في التحقيقات المتعلقة بحوادث الهروب أو سرقات السيارات، ما يسرّع عملية كشف الحقائق ومحاسبة المتسببين. إضافة إلى ذلك، يمكن أن تصبح الكاميرات مصدراً لتعزيز الوعي المجتمعي حول القيادة الآمنة عبر مشاركة المقاطع التعليمية والملهمة التي توثق التصرفات المسؤولة.
رغم أن تطبيق هذا النظام قد يواجه بعض التحفظات في البداية، سواء من ناحية الخصوصية أو الكلفة، إلا أن تقديم حوافز مثل تخفيض كلف التأمين للسيارات المزودة بالكاميرات سيشجع العديد من السائقين على تبنيه، إلى جانب ذلك، يمكن إطلاق حملات توعية لتوضيح أهمية الكاميرات وفوائدها الكبيرة للمجتمع.
في الختام، مع تزايد أعداد السيارات في شوارعنا، تزداد احتمالية وقوع الحوادث. اعتماد نظام الكاميرات لن يعزز السلامة المرورية فقط، بل سيقلل النزاعات، ويسرّع الإجراءات المرتبطة بتخطيط الحوادث، ويخلق بيئة مرورية أكثر التزاماً وانضباطاً، هذه الخطوة ستنعكس إيجاباً على جودة الحياة للجميع، وستعزز شعور الأمان والثقة لدى مستخدمي الطرق.
0 تعليق