ربما لم يخطر على بال المستشار الألماني أولاف شولتس بأن إقالته لوزير المالية كريستيان ليندر من الحزب الليبرالي يوم 6 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ما أدى إلى انهيار حكومته، سوف يضع ألمانيا على مسار سياسي جديد، وقد يدفع بالمعارضىة إلى تولي السلطة.
البرلمان الألماني حجَب الثقة عن حكومة شولتس يوم أمس الأول بأكثرية 394 نائباً، فيما صوت 207 نواب لصالحها، وامتنع 116 نائباً عن التصويت، وبهذا لم يتمكن المستشار الألماني كما كان متوقعاً من الحصول على الأغلبية اللازمة المتمثلة في تأييد 367 نائباً، وبذلك باتت الانتخابات المبكرة حتمية، ومن المرجح أن تُجرى يوم 23 فبراير(شباط) المقبل.
بعد التصويت توجه شولتس إلى القصر الرئاسي (بيلفو) ليقترح على الرئيس فرانك فالتر شتاينمار حل البرلمان. وسيكون أمام الرئيس مهلة 21 يوماً لاتخاذ قرار الحل وتحديد موعد لإجراء انتخابات جديدة خلال 60 يوماً. تعتبر موافقة الرئيس شتاينمار في حكم المؤكدة، نظراً لوجود توافق واسع داخل البرلمان حول تبكير موعد الانتخابات البرلمانية التي كان مقرراً لها أن تُجرى أساساً في 28 سبتمبر (أيلول) 2025.
سبب الخلاف بين شولتس ووزير المالية أن الأخير عارض الميزانية التي طرحها المستشار والتي تقضي بتحميل ألمانيا المزيد من الديون بسبب دعمها العسكري والمالي المتواصل لأوكرانيا بما يزيد على قدرات ألمانيا المالية التي ترزح تحت ثقل ديون وحالة تضخم وضعف صناعي.
ويقول ليندر: إن شولتس حاول إجباره على تعليق نظام كبح الديون في البلاد، وهو رفض ذلك، وإن المستشار «يرفض الاعتراف بأن بلادنا بحاجة إلى نموذج اقتصادي جديد».
يتوقع رئيس الحزب الديمقراطي المسيحي المعارض فريدريتش ميرتس، وهو زعيم أكبر كتلة برلمانية معارضة، الاتفاق مع ماركوس سودر زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي على تشكيل ائتلاف انتخابي في مواجهة حزب شولتس الاشتراكي الديمقراطي، لكن هناك مخاوف من أن يتمكن «حزب البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف من قلب الطاولة ويغير المشهد السياسي في ألمانيا، إذ إنه يعلق الآمال على الانتخابات المبكرة بعدما أشارت استطلاعات الرأي إلى تزايد شعبيته بسبب معارضته الحرب الأوكرانية ودعم ألمانيا لكييف، وحملاته ضد الهجرة غير الشرعية، وسياسة الحدود المفتوحة.
يذكر أن «حزب البديل من أجل ألمانيا» قد ازداد نفوذه السياسي على مستوى البلاد، ففي انتخابات سبتمبر (أيلول) 2021 حصل الحزب على عشرة في المئة من الأصوات، وتشير الاستطلاعات الآن إلى أنه قد يحصل على 19 في المئة من الأصوات. كما قد يؤدي فوز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بانتخابات الرئاسة الأمريكية إلى تعزيز حظوظ الحزب، وكل الأحزاب اليمينية الأوروبية.
تشير التصريحات الصادرة عن قادة الحزب إلى أنهم يحاولون من خلال الحملة الانتخابية المقبلة مواصلة التركيز على قضايا اللجوء والهجرة «الساعية إلى الاستفادة من نظام المساعدات الاجتماعية، وترحيل المجرمين الذين يتوجب عليهم مغادرة البلاد وإغلاق الحدود».
يمكن القول: إن المعركة الانتخابية في ألمانيا بدأت.. وبدأت معها حسابات الربح والخسارة والتحالفات، وخصوصاً تحالفات الأحزاب المناهضة لحزب البديل لعدم تمكينه من تحقيق نتائج تفرض مشاركته في الحكومة المقبلة.
0 تعليق