تعدّ مبادرة «نافس» واحدة من أبرز المبادرات الوطنية، التي أطلقتها حكومة دولة الإمارات؛ لتحقيق
نقلة نوعية في سوق العمل الإماراتي، بتمكين المواطنين، وتوفير فرص وظيفية حقيقية لهم في القطاع الخاص، وأسهم ذلك في ترسيخ مفهوم التوطين الفعال، بحيث لا يقتصر على ملء الشواغر فقط، بل يتجاوز ذلك إلى بناء قدرات المواطنين وتأهيلهم؛ ليكونوا مساهمين في نهضة الاقتصاد الوطني.
نجحت «نافس» منذ انطلاقها، في تحقيق إنجازات ملموسة؛ إذ وفّرت فرص عمل جديدة في قطاعات متعددة، وهذا التنوع في الفرص الوظيفية يعكس الرؤية الاستراتيجية للحكومة في إيجاد بيئة عمل متكاملة، تشجع المواطنين على العمل بجدية، وتطوير مهاراتهم المهنية بما يواكب متطلبات السوق.
ومع ذلك، يبقى من الضروري تأكيد أن هذه الوظائف يجب ألّا تكون شكلية، بل تعتمد على مبدأ التوظيف الحقيقي، حيث تسند إلى المواطنين مهامّ فعلية تُسهم في تطوير أدائهم المهني وتعزيز إنتاجيتهم.
من هنا، يبرز دور الجهات المعنية في قياس رضا المواطنين العاملين في القطاع الخاص، عبر استبانات دورية لتقييم بيئة العمل، ومستوى التطور المهني الذي يحصلون عليه، حيث إن قياس نسبة الرضا، وتحديد التحديات التي قد تواجه المواطنين في القطاع الخاص، خطوة حاسمة لضمان نجاح عملية التوطين؛ فالتقييم المستمر يُسهم في تحسين السياسات القائمة، وتطوير برامج التدريب والدعم، ما يعزز استمرارية الموظفين في وظائفهم، ويدعم مسيرتهم المهنية.
ورغم النجاحات الكبيرة التي حققتها «نافس»، فإن التحدي الأكبر يكمن في ضرورة توفير وظائف متنوعة تتناسب مع مختلف مؤهلات المواطنين وخبراتهم؛ حيث لا تزال هناك أعداد من الباحثين عن عمل، خاصة من الخريجين الجدد الذين يتطلعون إلى فرص وظيفية تلبي طموحاتهم المهنية. ومن ثمّ، يجب أن تواصل الجهات المعنية التنسيق مع القطاع الخاص، لتوسيع مجالات التوظيف، وفتح آفاق جديدة للمواطنين في قطاعات مبتكرة وواعدة، مثل الطاقة المتجددة، والتكنولوجيا المتقدمة، والصناعات الرقمية.
من جهة أخرى، لا يمكن إغفال أهمية سدّ الشواغر في القطاع الحكومي محلياً واتحادياً، حيث تتوافر سنوياً فرص وظيفية يمكن عبرها استيعاب أعداد من المواطنين المؤهلين. والتكامل بين القطاعين العام والخاص، في استيعاب الكفاءات الوطنية هو الضمان الأمثل لتحقيق الاستقرار الوظيفي والاقتصادي.
تؤكد مبادرة «نافس» رؤية القيادة الرشيدة في تمكين المواطنين، وتعزيز مكانتهم بوصفهم ركيزة أساسية في مسيرة التنمية المستدامة. ومع تضافر الجهود لضمان توفير وظائف حقيقية ومتنوعة، وقياس رضا الموظفين عن بيئات العمل، ستظل «نافس» نموذجاً ملهماً في تعزيز التوطين ودعم الكفاءات الوطنية، وصولاً إلى تحقيق طموحات الدولة في بناء اقتصاد قوي ومستدام يعتمد على أبنائه.
0 تعليق