الاحتفال بمئوية الشاعر، والإنسان، والاقتصادي المرموق عضد الثقافة العربية سلطان بن علي العويس بعد فترة وجيزة هو احتفال إماراتي عربي برمز من رموز الأدب العربي الحديث، صاحب مبادرات ثقافية محترمة، وصديق عريق وعتيق لرجالات وأعلام الأدب والشعر واللغة في العراق والخليج العربي ومصر وبلاد الشام، في وقت ثقافي عربي تنويري هو على رأس رجالاته في القرن العشرين.
الاحتفالية استحقاق في محلّه، وهي احتفالية بالشعر في صميمها المعنوي، فالرجل شاعر، ومحب للشعر، ومتذوّق له، وكان مجلسه، بل مجالسه كلها منتديات ومطارحات ومقابلات شعرية، وفي إطار ذلك كلّه لا يغيب الفكر، ولا يغيب التنوير، ولا تغيب الصداقات العربية عن فضائه المكاني الترحابي الذي تحوّل إلى فضاء ثقافي يومي متجدد بحضور الرجل، وحضور أصدقائه وأصدقاء الشعر.
أفكار نبيلة عدة تستعاد وتُذكر وتُوثَّق حول السيرة الشخصية والسيرة الثقافية لسلطان بن علي العويس، وهنا، أجد أنه من الأمانة القول إن العويس ليس حالة فردية ثقافية واقتصادية خدمت العلم والتعليم والمعرفة المبكرة في الإمارات، فهو علم من أعلام، وهو رمز في جيله، وهم قدّموا من مالهم ومن عواطفهم النبيلة الكثير الكثير للثقافة والعلوم في الإمارات وفي المنطقة، وهو اسم علم أيضاً بين جماعة الحيرة الشعرية منذ عقود في الشارقة، وهو صاحب مراسلات أدبية مبكرة ربطته بأعلام وأسماء أدباء بارزين عرب في القرن العشرين.
في الاحتفالية الإماراتية العربية والعالمية التي ترمز لها «اليونسكو» علينا قراءة شعر سلطان بن علي العويس قراءة جمالية تليق به، وعلينا أيضاً قراءته قراءة منبرية في أمكنة الاحتفال به وباسمه العربي النبيل.
مداخلات ومقاربات وآراء كثيرة تلتقي في هذه الاحتفالية المئوية الإماراتية ذات البُعدين: العربي والعالمي، ولذلك فهي احتفالية كل مثقف عربي، بل هي احتفالية تخص كل كاتب إماراتي وعربي، وهنا، يشار بطبيعة الحال إلى أن المئات من الشعراء والروائيين والقصّاصين والنقاد العرب قد وضعوا على صدورهم وشاح سلطان بن علي العويس، وكان، رحمه الله، هو من يقلّد هؤلاء أوشحتهم بيديه، وهو يبتسم، واقفاً بينهم بوصفه رمزاً وشاهداً واسماً نجومياً بين هذه الكواكب العربية.
عرفت سلطان بن علي العويس عن قرب في أحد مجالسه في دبي، ولن أنسى أبداً أنه رآني ذات يوم أعبر الطريق، وكان هو بين ربعه وصحبه، فتوجه صوبي، وصافحني وقال لي: «أنت فلان؟» فأجبته: نعم، مبتسماً في وجه ذلك الرجل المتواضع العزيز. وقال لي: لماذا لا نراك في المجلس؟ ولقد ذهبت إلى مجلسه، وأصغيت إلى روحه قبل أن أصغي إلى كلامه. هنا كانت كل معاني الطيبة والرفعة وعلوّ المرء بأدبه وخلقه.
0 تعليق