أنجزت صحيفة “Olé” الأرجنتينية، إحدى أبرز المراجع في الصحافة الرياضية بأمريكا اللاتينية، لأول مرة تحقيقًا موسعًا عن بلد من شمال افريقيا. اختيار المغرب لم يكن عبثيًا؛ فهو البلد الذي يعيش كرة القدم بشغف مماثل لما هو عليه الحال في الأرجنتين، وهو الآن يستعد لاستضافة كأس العالم 2030، بعد أن رسّخ مكانته كقوة كروية صاعدة ببنية تحتية استثنائية.
وسيكون المغرب مسرحا لكأس الأمم الإفريقية 2025 وكأس العالم 2030، وهي لحظة تاريخية للكرة الإفريقية والعربية.
الصحافي الأرجنتيني “ماكسي فريغيري”، الذي زار المغرب، وصف المشهد قائلاً: “في كل زاوية، هناك ملعب، سواء في ساحات الأحياء، أو على الشواطئ، أو في مراكز التدريب الحديثة… هنا، كما في الأرجنتين، تُعاش كرة القدم بكل تفاصيلها”.
وسيكون كأس العالم 2030 تجربة غير مسبوقة، إذ ستنطلق المباريات الأولى في الأرجنتين وأوروغواي وباراغواي، بينما يحتضن المغرب وإسبانيا والبرتغال بقية المنافسات. المغرب، كعادته، يمثل نقطة تلاقٍ بين الثقافات، حيث تمتزج الهوية العربية والإفريقية والأوروبية في بلد يتحدث فيه الناس العربية والفرنسية والإسبانية والإنجليزية بسلاسة.
إلى جانب ذلك، يظل المغرب نموذجا فريدا في العالم الإسلامي، حيث يجمع بين التقاليد والانفتاح. المساجد عامرة، لكن الروح الرياضية توحد الجميع. كرة القدم هنا تتجاوز اللغات والثقافات، تماما كما في الأرجنتين.
منذ اعتلائه العرش قبل 26 عاما، وضع جلالة الملك محمد السادس الرياضة، وخاصة كرة القدم، ضمن أولويات التنمية. وإلى جانبه، يقود فوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم وعضو مجلس الفيفا، مسار التطوير بخطط طموحة. في حديثه لصحيفة “Olé”، قال لقجع بكل ثقة: “يمكننا أن نكون أبطال العالم في 2026″، في إشارة إلى الطموح الكبير الذي يتجاوز انتظار تنظيم المونديال في 2030.
ما حققه “أسود الأطلس” في مونديال قطر 2022 كان تتويجا لهذه الرؤية. المغرب لم يشارك لمجرد الحضور، بل كتب التاريخ بوصوله إلى نصف النهائي، متفوقًا على منتخبات عريقة مثل إسبانيا والبرتغال، وسقط أمام فرنسا في مباراة أثارت الكثير من الجدل التحكيمي. الصحيفة الأرجنتينية لم تغفل عن الإشارة إلى أن الأرجنتينيين والمغاربة كانوا من أكثر الجماهير تأثيرًا في المونديال، مما يعكس العلاقة الوثيقة بين البلدين.
الاستعدادات لكأس الأمم الإفريقية 2025 وكأس العالم 2030 دخلت مرحلة متقدمة. والصحيفة الأرجنتينية أبدت انبهارها بالأوراش الضخمة التي يشهدها المغرب، حيث تجرى عمليات بناء وتحديث واسعة للملاعب، وأبرزها:
-الملعب الكبير الحسن الثاني (الدار البيضاء):
سيكون الأكبر في العالم بطاقة استيعابية تصل إلى 115 ألف متفرج، ويتميز بموقع استراتيجي بالقرب من خط القطار فائق السرعة، إضافة إلى منشآت فندقية وتجارية ضخمة.
ملعب طنجة الكبير:
يتم تجهيزه ليستوعب 75 ألف متفرج، مع أرضية هجينة ومدرجات مغطاة.
ملعب الأمير مولاي عبد الله (الرباط):
قيد التوسعة ليصل إلى 68,700 مقعد، وسيتم افتتاحه خلال الأشهر المقبلة.
إلى جانب ذلك، أشار التقرير إلى مشاريع أخرى تشمل توسيع شبكة الطرق السريعة، بناء أكبر مستشفى في إفريقيا، وتطوير البنية الفندقية لاستقبال الزوار، بفضل استثمارات من دول مثل الإمارات، قطر، فرنسا، والولايات المتحدة.
الرهان على المستقبل لا يقتصر على البنية التحتية، بل يشمل تكوين اللاعبين. أكاديمية محمد السادس لكرة القدم، التي زارها فريق “Olé”، تُعد واحدة من أفضل مراكز التدريب في العالم، حيث تضم 11 ملعبًا، و5 فنادق، ومركز تأهيل بدني، ومرافق متكاملة لتطوير اللاعبين والمدربين والحكام. هذه الأكاديمية هي مهد النجوم الجدد، وقد سبق لنادي ريال مدريد أن استخدمها كمقر لمعسكره التدريبي في إفريقيا.
المغرب، الذي يحتل المرتبة 14 عالميًا في تصنيف الفيفا، يسير بثبات نحو ترسيخ مكانته في الساحة الكروية العالمية. حاليًا، يتصدر مجموعته في تصفيات مونديال 2026، ويطمح إلى تحقيق ثاني لقب إفريقي في تاريخه. أما على مستوى الأندية، فإن الوداد البيضاوي سيكون الممثل الإفريقي في النسخة الموسعة لكأس العالم للأندية، حيث سيواجه عمالقة مثل مانشستر سيتي ويوفنتوس.
0 تعليق