الشارقة: «الخليج»
نظم بيت الشعر في الشارقة، أمسية مفعمة بالإبداع والبلاغة، حلقت فيها الكلمات عالياً نحو الجمال، وشارك فيها كل من توفيق أحمد، والدكتورة نجود القاضي، وطارق الجنايني، وقدمها وسام شيا، وحضرها الشاعر محمد عبدالله البريكي مدير البيت.
ثم بدأت القراءات مع الشاعر السوري توفيق أحمد الذي غزل في نسيج نصه عواطف الفقد والحنين إلى الماضي، وذلك في قصيدته «كيف كنّا» التي تستدعي الذكريات، والتي يقول مطلعها فيها:
إبكِ ياليلُ مثلَ قلبي المعنّى
صار طقساً بكاؤنا... صار فنّا
أيها الوجدُ كيف تغتال حُلمي
وعلى ساعديكَ قلبي تثنّى
يا سقى اللهُ كيف كنّا رفاقاً
ذاكرٌ أَنتَ يا ترى كيف كنَّا
أنت تشدو بأجمل الشعر عنِّي
وأنا في يديكَ أهتزُّ غصنا
وعبرت قصيدة أخرى، بعنوان: «لعينيك»، عن مشاعر الحب وما يلاقيه الأحبة من لوعة وعتاب وما يتطلعون إليه من أحلام السعادة في خضم أحزانهم، وقد قال فيها:
لعينيكِ هذا الحبُّ أعرفُ أننّي
إذا لم أقلْ شيئاً أكونُ أقولُ
أنا سَفَرٌ تلغي المسافاتُ نفسَها
وقولٌ له مثلُ الزمان فصولُ
فهلْ شجرُ الخابور يعرفُ أنني
لكلِّ قلوبِ العاشقينَ دليلُ
حزينٌ ويمشي الغيمُ فوق أصابعي
فهل بعد هذا الانتظار هطولُ
وبعد ذلك قرأت الشاعرة اليمنية د. نجود القاضي، نصاً بعنوان: «غد خارج النص»، كان أمنيات من الكلمات التي تبحث عن السلام والمحبة للإنسانية، فقالت:
وحيثُ عيونُ الجُندِ يومًا تساقطَتْ
مجامرَ للذكرى استفاقتْ شقائقُ
على معطفِ الحربِ الثقوبُ انتفاضةٌ
تُسرِّبُ منها الذكرياتِ الدقائقُ
طبولُ نشيدِ الموتِ قد جفَّ صوتُها
وليس سوى شَدْوِ العصافيرِ ناطقُ
وفي قصيدة بعنوان: «المواسم»، استدعت مواجع الاغتراب ورؤى الوطن المكلوم الذي يحمله الشاعر معه في حله وترحاله، فقالت:
مطرٌ يدقُّ وأمنياتٌ تَفْتَحُ
ونوافذُ الوجع ِالقديمِ تُلوِّحُ
خلفَ الستائرِ كان وجهٌ غائمٌ
يرنو وأبوابُ المدينة ِمسرحُ
والريحُ في صمتِ الهديلِ بكاؤها
خيلٌ بغاباتِ الكلامِ ستجمحُ
مذ قال لي قمرٌ بأنَّ مدينتي
ابتعدت وأنيَ للظلامِ سأَجْنَحُ
واختتم القراءات الشاعر المصري طارق الجنايني، الذي قرأ نصا مشتعلاً بالأسئلة والبحث عن مكامن الروح الشاعرة، التي تتوقد في إبداعها لتضيء،، ومما قاله فيها:
إني أراكَ على مسافةِ ومضةٍ
منِّي وأبعدَ من شرودِ الأنجمِ..
ماذا معي؟ لا شيء غيرُ قصيدةٍ
سوداءَ غادرتِ المجازَ إلى دمي..
ورؤىً تُهشمُ بالدقائقِ أعظمي
ويدٍ تلوِّحُ للبعيدِ المغرمِ..
ذكرى على حدقِ السؤالِ ولوعةٍ
رفَّت على حطبِ الحنينِِ المُضرمِ
وتغنى بمكارم الرسول الكريم في نص آخر، ورسم في طياته نهراً من الكلمات الصادقة التي حاول من خلالها شرح عاطفته القوية واحتمائه بهدي النبي، ومما جاء فيها:
وكان ظني جهولاً بينما يدهُ
حمامةٌ بُعِثت من محكمِ الغسقِ.
حطت على جدولٍ مني ولست أعي
حطت على القلب أم حطت على الحدق
«أقبل» فكنتُ من الأمر الجميل صدىً
و«اقرأ» قرأتُ له من سورةِ العلقِ..
أليس هذا دمي؟! لكن نزفتُ شذى
سعياً إلى الماء لا سكباً على الطرقِ
وفي الختام كرّم الشاعر محمد البريكي، المشاركين في الأمسية.
0 تعليق