نحو فهمٍ أعمق لقضايا التداول ببورصة مسقط - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

هناك 4 قضايا رئيسية نود الحديث عنها في هذا المقال في محاولةٍ لفهمٍ أعمق لقضايا التداولات في بورصة مسقط؛ لعل في مقدمتها المؤشرات وعلاقاتها بالتداولات التي تشهدها البورصة وكيف يمكن أن تتحرك المؤشرات صعودا وهبوطا بناء على حركة الأسهم، ولعل الجميع لاحظ أن المؤشر الرئيسي لبورصة مسقط هبط في تداولات 26 ديسمبر إلى أدنى مستوياته خلال العام عند 4468 نقطة غير أنه استطاع في الأيام الثلاثة اللاحقة تحقيق صعود بـ108 نقاط ليختتم تداولات عام 2024 على 4576 نقطة مسجلا ارتفاعا سنويا بـ62 نقطة.

والسؤال الذي يفرض نفسه هو: ما الذي يجعل المؤشر يحقق هذا الصعود في 3 أيام فقط؟، وقبل الإجابة على هذا التساؤل أود أن أشير إلى أن المؤشر الرئيسي لبورصة مسقط سجل في 28 مايو 2024 أعلى مستوياته خلال العام عند 4865 نقطة مسجلا صعودا بـ351 نقطة عن مستواه في نهاية عام 2023 والبالغ 4514 نقطة، غير أنه اتجه في الربع الأخير من العام إلى الهبوط ليسجل في 26 ديسمبر أدنى مستوياته خلال العام، وهذا يعني أن هناك العديد من العوامل التي أثرت على المؤشر ودفعته إلى التراجع غير أنه استطاع كسر هذا الاتجاه والعودة إلى الصعود في آخر 3 أيام تداول من عام 2024 لينهي العام على صعود.

ولعل أحد أبرز الأسباب -من وجهة نظري- لهذا الصعود هو أنه ليس من المنطقي لدى الصناديق الاستثمارية أن يُنهي المؤشر الرئيسي لبورصة مسقط تداولات 2024 على تراجع بعد تراجعه 343 نقطة في عام 2023، أي أنه ليس منطقيا أن يتراجع المؤشر لعامين متتاليين في الوقت الذي تسجل فيه شركات المساهمة العامة أداء ماليا جيدا وفي الوقت الذي يشهد فيه الاقتصاد الوطني نموا ملحوظا وفي الوقت الذي تعزز فيه الحكومة حجم إنفاقها الجاري والاستثماري، وعلى هذا الأساس تحركت الصناديق الاستثمارية للشراء لدعم المؤشر من جهة وللاستفادة -من جهة أخرى- من الأسعار المتدنية التي هبطت إليها أسهم العديد من الشركات القيادية المدرجة في عينة المؤشر الرئيسي.

وفي حقيقة الأمر ينظر الكثير من المحللين والمستثمرين إلى تحركات المؤشرات باعتبارها دلالة على قوة البورصة ومستوى الإقبال عليها وقدرتها على تنمية مدخرات المستثمرين وزيادة مكاسبهم من الاستثمار، وبالنسبة لبورصة مسقط يضم المؤشر الرئيسي عينة تتألف من 30 شركة من القطاعات الرئيسية بناء على عدد من المعايير التي تحدد الشركات التي يمكن ضمها للعينة والشركات التي فقدت أسباب إدراجها في العينة، وبالإضافة إلى المؤشر الرئيسي توجد 3 مؤشرات قطاعية تشمل القطاع المالي وقطاع الصناعة وقطاع الخدمات بالإضافة إلى المؤشر الشرعي الذي يقيس تحركات أسهم الشركات التي تتوافق أعمالها مع الشريعة الإسلامية.

وتكمن أهمية هذه المؤشرات في أنها تتابع من جهة تحركات الأسهم المدرجة في العينة، ومن جهة أخرى تشير إلى التطورات التي تحدث في البورصة، ارتفاعا أو هبوطا، وهناك أهمية أخرى للمؤشرات، إذ إن العديد من الصناديق الاستثمارية تستهدف الأسهم المدرجة في المؤشرات، فعلى سبيل المثال سنجد صندوقا يستثمر في الشركات المدرجة في عينة المؤشر الرئيسي فقط وربما يختار 10 شركات منها للاستثمار في أسهمها، والمجال متاح لوجود صناديق أخرى متخصصة بالاستثمار في القطاع الصناعي أو قطاع الخدمات أو الشركات التي تتوافق أنشطتها مع الشريعة الإسلامية، وعلى هذا الأساس فإن الشركات المدرجة في عينات المؤشرات تحظى باهتمام أكبر من قبل المستثمرين خاصة الشركات التي تحقق نتائج إيجابية وذات توزيعات منتظمة، ولعلنا نلاحظ أن معظم الشركات التي تستهدفها الصناديق الاستثمارية تتميز باستقرار أسعارها بشكل عام.

القضية الثانية التي نود الحديث عنها هي قيمة التداول، فخلال العام الماضي صعدت قيمة التداول ببورصة مسقط إلى مليار و257.3 مليون ريال عماني مسجلة صعودا بنسبة 11% عن تداولات عام 2023 والبالغة مليارا و132.7 مليون ريال عماني، غير أنه من المهم أن نشير إلى أن أوكيو للاستكشاف والإنتاج التي تم إدراجها بالبورصة في 28 أكتوبر 2024 شهدت تداولات بنحو 253 مليون ريال عماني تمثل 20.1% من إجمالي قيمة التداول، فيما شهدت أبراج لخدمات الطاقة التي تم إدراجها في مارس 2023 تداولات بقيمة 139.7 مليون ريال عماني تمثل 11.1% من إجمالي قيمة التداول، وشهدت أوكيو لشبكات الغاز التي تم إدراجها في أكتوبر 2023 تداولات بقيمة 96.7 مليون ريال عماني تمثل 7.6% من إجمالي قيمة التداول، وشهدت أوكيو للصناعات الأساسية التي تم إدراجها ببورصة مسقط في ديسمبر 2024 تداولات بقيمة 31.7 مليون ريال عماني؛ أي أن الشركات الجديدة التي تم إدراجها في البورصة في عامي 2023 و2024 شهدت تداولات بقيمة 521.1 مليون ريال عماني مستحوذة على 41.1% من إجمالي قيمة التداول التي شهدتها البورصة وهو ما يعني أن كثيرا من السيولة المتوفرة لدى الصناديق والشركات الاستثمارية الكبرى اتجهت نحو هذه الشركات، وهو ما أثر فعليا على أسعار أسهم معظم الشركات المتداولة في بورصة مسقط خلال عام 2024 بعد أن اتجه جزء مهم من السيولة إلى الشركات الجديدة.

وهنا نجد أنفسنا أمام تحديات السيولة التي نعتبرها إحدى القضايا المهمة التي ينبغي أن تركز عليها بورصة مسقط خلال العام الجاري؛ إذ لا يمكن تحقيق الاستقرار للبورصة ومؤشراتها إلا من خلال تدفق السيولة على البورصة بشكل مستمر بحيث تشمل معظم الشركات القيادية المدرجة في المؤشرات والشركات الأخرى ذات العائد الجيد للمستثمرين سواء من حيث توزيعات الأرباح أو من حيث النمو المستمر في سعر السهم.

والقضية الرابعة هي تعزيز ثقة المستثمرين في البورصة وهذا لا يمكن أن يتم إلا من خلال دراسة العوامل التي أثرت على بورصة مسقط في الربع الأخير من العام الماضي والتي دفعت المؤشر في ديسمبر لتسجيل أدنى مستوياته خلال عام 2024 ولعل أبرز هذه العوامل هي: طرح اكتتابات ضخمة خلال فترة وجيزة مع عدم وجود صناديق قادرة على التعامل مع الكمّ الهائل من الأسهم في الوقت الذي ترى فيه الصناديق من خلال سلوكها الذي لاحظناه أن سعر الطرح كان مبالغا فيه، وهذا يعني أن تحقيق الاستقرار للبورصة يبدأ في مرحلة السوق الأولية وقبل إدراج الأسهم في البورصة، إذ إن تقييم الشركات وتحديد أسعار طرح الأسهم الجديدة ينبغي أن يراعي قدرة الطرح على تحقيق مكاسب للصناديق والأفراد والشركات الاستثمارية بحيث تكون الأسهم الجديدة جذابة للمستثمرين بشكل دائم وليس فقط خلال الاكتتابات.

إن تعزيز مكانة بورصة مسقط في الاقتصاد الوطني وتمكينها من تحقيق أهداف المستثمرين والمكتتبين جزء أساسي من مهمة الجهات المشرفة على قطاع سوق رأس المال وبورصة مسقط والشركات المدرجة والشركات العاملة في القطاع، ومع تعاون الجميع تستطيع البورصة أن تحقق أهدافها في أن تكون وعاء استثماريا مجديا للمستثمرين وأداة من أدوات التنويع الاقتصادي وهو ما نتطلع أن يحظى باهتمام أكبر من قبل الجميع خلال هذا العام والأعوام المقبلة وبما يعكس الأداء الحقيقي لشركات المساهمة العامة المدرجة في البورصة وتعكسه أيضا مؤشرات البورصة بشكل يثري تداولاتها ويستقطب مزيدا من المستثمرين، ومزيدا من السيولة كلَّ عام.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق