في رسالة أشبه ما تكون بالتهديد المبطن قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين موجهاً حديثه إلى نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، إن بعض الناس نسوا ما حدث لنابليون بونابرت، وذلك بعد يوم من وصف رئيس الإيليزيه موسكو بأنها تهديد لأوروبا، واقتراحه مناقشة توسيع الحماية التي توفرها الترسانة النووية الفرنسية لشركائها الأوروبيين.
ولمعرفة السر من وراء تذكير بوتين لنظيره الفرنسي في هذا الوقت تحديداً، حيث تشهد القارة الأوروبية توترات تشبه تلك التي كانت تحوم في الأجواء قبيل الحرب العالمية الثانية مع اختلاف اللاعبين والملاعب، يجب معرفة من هو نابليون ذلك وما هي قصته؟
نابليون كارلو بونابرت
قائد عسكري، وأول إمبراطور لفرنسا بعد الثورة التي أطاحت بالملكية عام 1789، واستطاع توحيد أرجاء واسعة من أوروبا بالقوة، ولد عام 1769 في مدينة أجاكسيو بجزيرة كورسيكا، عقب تسلم فرنسا تلك الجزيرة من إمارة جنوة الإيطالية، وكان الرابع ضمن أبناء أسرته الكورسيكية.
سافر وهو في سن التاسعة إلى فرنسا، والتحق بالأكاديمية العسكرية في بريَّن بمساعدة الكونت ماربيف حاكم كورسيكا، وكانت الأكاديمية في ذلك الوقت حكراً على أبناء الطبقة الأرستقراطية، فوجد نابليون نفسه نشازاً بينهم نظراً لمستواه المادي، ولكنته الإيطالية المميزة، ثم تخرج وهو في سن الـ15 في أكاديمية بريَّن ليدخل المدرسة العسكرية في باريس، واستطاع الحصول على شهادة التخرج في عام واحد، بينما في الحالة العادية يحتاج الطلاب إلى عامين، وتخرج فيها برتبة ملازم متخصص في المدفعية مع تميزٍ لافت في الأداء الأكاديمي، وفي بداية مشواره العسكري أبلى بلاء حسناً في معركة استعادة قاعدة تولون البحرية من بريطانيا عام 1793، وهو ما جعل القيادة العليا للقوات المسلحة تُقرر ترقيته إلى رتبة لواء ولم يتجاوز عمره الـ24 عاماً.
نابليون الإمبراطور
استطاع نابليون أن يُنظم الجيش الفرنسي على جبهة إيطاليا، ويُعدّ انتصار فرنسا على النمسا وحلفائها وقبولهم توقيع اتفاقية السلام معها عام 1797 في كامبو فورنيو، ومن ثم استُقبال نابليون في باريس استقبال الأبطال؛ ما أجج طموحاته السياسية في الحكم.
في العاشر من نوفمبر/تشرين الثاني 1799 أحدث نواب في البرلمان مقربون من نابليون انقلاباً سياسياً ضد مجلس الحكم المعروف بالقيادة المشتركة، ليُحلوا محله آلية تنفيذية جديدة أُطلق عليها اسم «القنصلية»، وسُمي نابليون رئيساً للقنصلية، في شهر مايو/أيار 1804، أُعلنت فرنسا إمبراطورية، وكانت تشمل فرنسا وإيطاليا وأجزاء من بلجيكا وألمانيا والنمسا وصولاً إلى روسيا.
وفي الثاني من ديسمبر/كانون الأول 1804، احتضنت كاتدرائية «نوتردام د باري» حفل تتويج نابليون إمبراطوراً بحضور آلاف الوجهاء والساسة والقادة العسكريين والبابا، وبعد ذلك بستة أشهر تُوج نابليون إمبراطوراً لإيطاليا، وجرت المراسم في مدينة ميلانو.
أصبح نابليون إمبراطوراً يحكم أجزاء واسعة من أوروبا، وهو في أواسط العقد الرابع من عمره، ورغم ذلك كان طموحه التوسعي بلا حدود، فواصل حملاته العسكرية وشنَّ حربه الثالثة ضد الحلفاء «النمسا، وبلجيكا، وهولندا، وروسيا، وبريطانيا»، وفي شتاء عام 1805 انتصر في معركة «أوسترليتز»، وأخضع الحلفاء، وفرض الحماية على إسبانيا وجعلها تحت إمرة شقيقه.
الشتاء الروسي يعصف بالإمبراطور
استقرت الأمور لنابليون كما لم تستقر لأحد من قبله في أوروبا، فوزع ملكها بين إخوته وجعل السيادة على القارة أمراً أسرياً خالصاً يُحظر على المجالس التنفيذية الحديث عنه، لكن بحلول عام 1810 كان حكم بونابرت يسلك طريقه إلى النهاية، مدفوعاً بكثرة الحملات العسكرية والخسائر الهائلة التي نتجت عنها.
حيث أعلنت روسيا نقض حلفها مع فرنسا والتحالف مع النمسا، وفتحت مياهها أمام السفن البريطانية، وفي نهاية العام أعلن القيصر فرض ضرائب على السلع الفرنسية.
تسببت تلك الإجراءات في خنق فرنسا اقتصادياً، وقرر نابليون غزو روسيا في شتاء 1812 فتوجه إليها على رأس جيش يضم ستمئة ألف جندي، لكن البرد القارس والثلوج حولت الحملة إلى كارثة قضى فيها أكثر من 90% من الجنود.
شنَّ الحلفاء هجوماً جديداً انتهى بخسارة الجيش الفرنسي المدوية في معركة ليبزيغ التي دارت في أكتوبر/تشرين الأول 1813، وتراجع نابليون على رأس جيوشه المندحرة لتأتيه الأخبار من باريس بأن البرلمان بصدد خلعه، فلجأ إلى جزيرة ألبا، وأعلن نفسه إمبراطوراً عليها رغم أن سكان تلك الجزيرة لا يتجاوزون 13 ألفاً من القرويين.
في فبراير/شباط 1815، نزل نابليون بالشواطئ الفرنسية، وتوجه إلى باريس وسط دعمٍ منقطع النظير من السكان ومن حاميات الجيش التي انضمت إليه الواحدة تلو الأخرى، في ضوء الأخبار الواردة من الريف الفرنسي، وفرَّت الحكومة ليدخل بونابرت باريس في العشرين من مارس/آذار معلناً عزمه تدشين معركة جديدة ضد الحلفاء.
سُميت هذه الفترة فترة المئة يوم نسبة إلى المدة الزمنية الفاصلة بين تاريخ دخول باريس وتاريخ الهزيمة في معركة واترلو في 18 يونيو/حزيران 1815.
لجأ نابليون إلى الجيش البريطاني أملاً في الحصول على اللجوء السياسي، لكن البريطانيين نفوه إلى جزيرة سانت هيلانة بالسواحل الإفريقية، ليموت هناك في الخامس من مايو/أيار 1821.
«بعد تهديد بوتين لماكرون بنفس المصير»..ماذا حدث لنابليون بونابرت؟ - ستاد العرب

«بعد تهديد بوتين لماكرون بنفس المصير»..ماذا حدث لنابليون بونابرت؟ - ستاد العرب
0 تعليق