تعتزم البنوك المركزية في أربع قارات إجراء دفعة أخيرة من التغييرات على تكاليف الاقتراض في الأسبوع المقبل، قبل أن تثير عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض احتمال حدوث اضطرابات في التجارة العالمية.
وبحلول الوقت الذي يجتمع فيه صناع السياسات النقدية من أستراليا وكندا والبرازيل ومنطقة اليورو في اجتماعاتهم الأولي المقررة في العام 2025، سيكون الرئيس المنتخب للولايات المتحدة قد تولى منصبه، وسط ترقب موجة التعريفات الجمركية المحتملة أقرب إلى الواقع.
وقال تقرير صادر من بلومبرج إيكونوميكس، إن هذا التغيير الوشيك في الولايات المتحدة سيساعد على ترسيخ مرحلة غير متزامنة بشكل خاص في السياسة النقدية، في ظل مواجهة الاقتصادات المختلفة لمخاطر تضخمية مختلفة.
ورجح محللو بلومبرج أن يبقي صناع السياسات الأستراليون أسعار الفائدة دون تغيير مرة أخرى يوم الثلاثاء المقبل، في حين قد يقدم نظراؤهم الكنديون، الذين يخشون اضطراب التجارة الذي قد يحدث بسرعة عبر الحدود، على خفض آخر يصل إلى 0.5% في اليوم التالي.
وفي البرازيل، التي تضررت عملتها في الأسبوع الماضي بسبب تهديد «ترامب» بفرض رسوم جمركية على مجموعة البريكس، يستعد المسؤولون لزيادة تكاليف الاقتراض لقمع ضغوط التضخم المتزايدة.
وبالنسبة لمسؤولي منطقة اليورو الذين سيحددون أسعار الفائدة يوم الخميس، فإن التركيز يتحول بسرعة من مراقبة مخاطر أسعار المستهلك المستمرة إلى القلق بشأن التداعيات المترتبة على الضربة المحتملة للتجارة العالمية.
ومن المقرر أن تقوم رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاجارد وزملاؤها بخفض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية ــ وكذلك السويسريون، الذين تجتذب عملتهم المضاربين في أوقات التوتر الجيوسياسي.
وتعد هذه القرارات من بين أبرز الأحداث في فترة من التحرك المكثف للسياسة النقدية التي ستسبق قرار بنك الاحتياطي الفيدرالي في 18 ديسمبر، والذي يعتقد خبراء الاقتصاد أنه قد يندفع إلى خفض آخر بمقدار 25 نقطة أساس في الولايات المتحدة.
ويقول ديفيد باول، كبير الاقتصاديين في بلومبرج إيكونوميكس: من المرجح للغاية أن يخفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماعه المقبل في 12 ديسمبر، حيث يرسم أعضاء مجلس الإدارة خطوط المعركة لما سيأتي بعد ذلك في عام 2025.
وفي أماكن أخرى، ستكون بيانات التضخم في الولايات المتحدة وبيانات النمو في المملكة المتحدة من بين أبرز الأحداث، وفيما يلي ملخصا لما ينتظره الاقتصاد العالمي.
الولايات المتحدة وكندا
سوف تتيح العديد من تقارير التضخم، بما في ذلك بيانات مؤشر أسعار المستهلك يوم الأربعاء المقبل، لصناع السياسات النقدية في بنك الاحتياطي الفيدرالي نظرة أخيرة على بيئة التسعير قبل اجتماعهم في الأسبوع التالي، وأي إشارة إلى توقف التقدم على جبهة التضخم قد تقوض فرص خفض أسعار الفائدة للمرة الثالثة على التوالي.
وأظهر تقرير الوظائف الذي راقبه كثيرون عن كثب يوم الجمعة العكس، حيث راهن المتعاملون على أن مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي سوف يخفضون أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس أخرى بعد ارتفاع غير متوقع في معدل البطالة في الولايات المتحدة.
ومع ذلك، فإن التوقعات المتوسطة في استطلاع أجرته «بلومبرج» لآراء خبراء الاقتصاد تشير إلى زيادة رابعة متتالية بنسبة 0.3% في مؤشر أسعار المستهلك الأساسي لشهر نوفمبر، والذي يستبعد الغذاء والطاقة للحصول على صورة أفضل للتضخم الأساسي. وعلى أساس سنوي، ربما ارتفع المؤشر الأساسي بنسبة 3.3% للشهر الثالث.
وفي الوقت نفسه، ارتفع مقياس الأسعار المدفوعة للمنتجين باستثناء الغذاء والوقود بنسبة 3.2% في نوفمبر 2024 مقارنة بالعام السابق، وهي أكبر زيادة سنوية منذ يونيو، مما يشير إلى ارتفاع تدريجي في التضخم بالجملة.
وفي الشمال، تتجه الأسواق والاقتصاديون نحو خفض أسعار الفائدة للمرة الثانية على التوالي بمقدار 50 نقطة أساس من جانب بنك كندا بعد ارتفاع معدل البطالة إلى أعلى مستوياته في ثلاث سنوات.
ويبدو أن سلسلة التخفيضات التي أجراها البنك المركزي منذ يونيو الماضي قد أشعلت سوق الإسكان وإنفاق المستهلكين من جديد ــ كما أن خطة رئيس الوزراء جاستن ترودو لإعفاء مؤقت من ضرائب المبيعات على مجموعة متنوعة من السلع لديها القدرة على تعزيز التسوق في موسم العطلات.
لكن تهديد ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 25% يلقي بظلاله على الاقتصاد الكندي، ومن المرجح أن يواجه محافظ البنك المركزي تيف ماكليم وابلا من الأسئلة حول كيفية تأثير حالة عدم اليقين على توقعات البنك المركزي للعام المقبل.
آسيا
تظهر البيانات الصادرة يوم الاثنين أن اتجاهات الأسعار في الصين تحسنت بأدنى هامش في نوفمبر، مع ارتفاع التضخم الاستهلاكي قليلاً إلى 0.5% وتباطؤ انخفاض أسعار المصانع قليلاً، في بيانات من المتوقع أن تؤكد أن تأثير التحفيز لم ينتشر بعد على نطاق واسع عبر الاقتصاد.
في اليوم التالي، ستتلقى الصين بيانات تجارية من المتوقع أن تظهر تباطؤ نمو الصادرات في الشهر الماضي.
ومن المقرر أن يعقد مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي، وهو اجتماع لتحديد مسار السياسة للبلاد، يومي الأربعاء والخميس.
هذا وتصدر اليابان بيانات الناتج المحلي الإجمالي المعدلة للربع الثالث والتي قد تحصل على دفعة صغيرة من إدراج أرقام الإنفاق الرأسمالي، وسوف يشير مسح تانكان الذي يجريه بنك اليابان يوم الجمعة إلى ما إذا كانت الشركات ستظل متفائلة حتى بعد أكبر انخفاض ربع سنوي في الأرباح في أكثر من عامين.
فيما تنشر أستراليا مؤشر ثقة الأعمال الصادر عن بنك NAB يوم الثلاثاء وإحصاءات العمل بعد يومين.
ستصدر الهند بيانات التضخم الاستهلاكي يوم الخميس، ومن المقرر أن تصدر أرقام التجارة خلال الأسبوع من الصين والهند وتايوان والفلبين.
ومن بين البنوك المركزية، من المتوقع أن يبقي بنك الاحتياطي الأسترالي أسعار الفائدة ثابتة يوم الثلاثاء، في حين تعمل البنوك، بما في ذلك بنك ANZ، على تأجيل الجداول الزمنية المتوقعة للتحول إلى التيسير النقدي.
ومن المقرر أن يلقي نائب رئيس بنك الاحتياطي الأسترالي أندرو هاوزر خطابًا في اليوم التالي.
إلى ذلك سيقرر البنك المركزي في أوزبكستان يوم الخميس ما إذا كان سيبقي على سعر الفائدة القياسي عند 13.50% للاجتماع الرابع على التوالي.
أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا
أما عن يوم الخميس فمن المقرر اتخاذ عدة قرارات بشأن السياسة النقدية، منها
من المرجح أن يخفض البنك المركزي الأوروبي تكاليف الاقتراض بمقدار 25 نقطة أساس، وسوف يركز المستثمرون على أي تعليقات من لاجارد بشأن ما قد يأتي بعد ذلك، حيث تراهن الأسواق على تخفيضات متتالية بمقدار ربع نقطة مئوية حتى يصل سعر الفائدة على الودائع ــ الذي يبلغ حاليا 3.25% ــ إلى 2%.
ومن المرجح أن يشهد قرار البنك الوطني السويسري بشأن أسعار الفائدة خفضا بمقدار ربع نقطة مئوية، وذلك في أول اجتماع للسياسة النقدية يرأسه مارتن شليغل كرئيس للبنك.
ويجتمع المسؤولون الصرب في بلجراد لاتخاذ قرار بشأن ما إذا كانوا سيبقون أسعار الفائدة ثابتة أو ربما يحذون حذو البنك المركزي الأوروبي.
ومن المقرر أن يتخذ البنك المركزي الأوكراني قرارا بشأن تكاليف الاقتراض، رغم أنه من غير المتوقع إجراء المزيد من التخفيضات هذا العام.
وخارج منطقة العملة، من المقرر أن تنشر النرويج والدنمرك بيانات التضخم يوم الثلاثاء، كما ستصدر السويد أرقام الناتج المحلي الإجمالي الشهرية في اليوم نفسه.
وفي المملكة المتحدة، من المقرر صدور بيانات النمو يوم الجمعة، والتي قد تظهر عودة إلى التوسع المتواضع في بداية الربع الأخير. كما من المقرر صدور توقعات التضخم من بنك إنجلترا.
وبالانتقال إلى الجنوب، تستضيف جنوب أفريقيا من الاثنين إلى الخميس أولى اجتماعاتها باعتبارها الرئيس الدوري لمجموعة العشرين ــ خلفا للبرازيل ــ في ظل عالم مستقطب بشدة ورئاسة ترامب التي من المتوقع أن تهز التجارة العالمية. وسوف يجتمع خبراء الأمن الغذائي ونواب وزراء المالية ونواب محافظي البنوك المركزية لبدء وضع الأساس لاجتماع الرؤساء في نوفمبر المقبل.
وفي مصر، من المرجح أن تظهر البيانات يوم الثلاثاء تباطؤ التضخم قليلاً عن مستواه في أكتوبر من العام الماضي والذي بلغ 26.5%.
ويشكك أغلب المحللين في أن التضخم سوف يتباطأ بالسرعة الكافية للسماح للبنك المركزي ببدء دورة من خفض أسعار الفائدة حتى مارس 2025 تقريباً.
و في جنوب أفريقيا، من المتوقع أن يرتفع معدل التضخم يوم الأربعاء للمرة الأولى منذ تسعة أشهر، إلى 3.1% في نوفمبر من 2.8% في أكتوبر، وذلك على خلفية ضعف الراند وارتفاع أسعار البنزين.
وفي روسيا، سيبحث صناع السياسات النقدية يوم الأربعاء عن المزيد من علامات تباطؤ التضخم في بيانات نوفمبر/تشرين الثاني، بعد أن انخفض إلى 8.5% في الشهر السابق.
ويأتي هذا في ظل تزايد الضغوط على البنك المركزي لرفع سعر الفائدة الرئيسي مرة أخرى هذا الشهر في إطار الجهود المستمرة لجلب نمو الأسعار إلى الهدف البالغ 4% العام المقبل.
أمريكا اللاتينية
وفي البرازيل، من المتوقع أن تؤثر أسعار المستهلك ومعدلات الفائدة المرتفعة والأعلى من المستهدف على تقارير الناتج المحلي الإجمالي ومبيعات التجزئة.
في الوقت نفسه، ربما تجاوز التضخم الشهر الماضي أعلى مستوى 4.5% من النطاق المستهدف، ومن المرجح أن يواصل البنك المركزي رفع أسعار الفائدة بنحو 75 نقطة أساس على الأقل بحلول عام 2024.
ومن المقرر صدور استطلاعات توقعات البنوك المركزية من البرازيل وكولومبيا وتشيلي، حيث تقدم الأخيرة قراءات السوق من المحللين والتجار.
وفي المكسيك، من المتوقع أن تقدم بيانات الإنتاج الصناعي في أكتوبر وتقرير أسعار المستهلك في نوفمبر أدلة جديدة على أن ثاني أكبر اقتصاد في أميركا اللاتينية بدأ يتباطأ.
ويتوقع المحللون انخفاض كل من التضخم الرئيسي والبيانات الأساسية، وهو ما قد يعطي الضوء الأخضر لبنك المكسيك لخفض أسعار الفائدة للمرة الرابعة على التوالي في اجتماعه في ديسمبر الجاري.
من المرجح أن يظل البنك المركزي في بيرو ثابتا ويبقي على سعر الفائدة الرئيسي عند 5% بعد ارتفاع أسعار المستهلك في نوفمبر.
من المرجح أن يكون الاقتصاد الأرجنتيني قد خرج من الركود، ويبدو أن نهاية ضوابط رأس المال في عام 2025 أصبحت أمراً مؤكداً.
ولكن ربما يكون معدل التضخم الشهري قد وصل إلى أدنى مستوى له في الأمد القريب مع قراءة أكتوبر البالغة 2.7%، حتى مع انخفاض قراءة نوفمبر على أساس سنوي للشهر السابع على التوالي.
اقرأ أيضاً
قبل اجتماع المركزي.. بنك الإمارات دبي الوطني يخفض الفائدة على شهادات الادخار 2%سجل في بنك مصر 50.25 جنيه.. سعر الدولار في مستهل تعاملات الأحد 8-12-2024
بعد إجراء صفقات بيع بـ9 مليارات جنيه.. تفاصيل نقل ملكية بنك الاستثمار القومي لهيئة البريد
0 تعليق