في غياب ثقافة الجدية - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

ما رأيك في أن نداعب أبا تمّام في بيت لم يعرف العرب، بعد المعتصم، إلى العمل به سبيلاً؟ لا علينا بالسيف، وما إذا كان أصدق إنباءً من الكتب أم لا، فدعواه مع المؤلفين ودور النشر. محور كلامنا هو الشطر الأخير: «في حدّه الحدّ بين الجدّ واللعبِ». مرتكزنا هو الوقوف بجدّ على أبعاد الجدّ.
لكن، احتراماً للاستطراد عند عمّنا الجاحظ، يُستحبّ التعريج على أعلى مستويات الجدّ لدى ذلك الخليفة العباسيّ الثامن، الذي أحيا نفس المستغيثة «وامعتصماه»، فكأنما أحيا العرب والمسلمين جميعاً. تخيّل، لو صعقه نبأ عظيم، كإبادة خمسين ألف عربي. لا شك في أن نظرته إلى الأشياء كانت تختلف عن الظروف اليوم.
المهم هو معرفة الحدّ بين الجدّ واللعب. القضية أبعد بكثير من السيف الفرند العضب الحسام الصمصام. الطريف هو أنك لن تحتاج إلى طرح السؤال الساذج على أحد: هل تعرف جنابك الفرق بين الجدّ والهزل؟ تجنّب طرحه، فالجواب سيكون صاعقاً. لكن، عليك بالسؤال الموازي: ما الذي جعل أربعة أخماس البلدان العربية غافلةً عن الجدّية في كل الميادين، منذ أكثر من قرن؟ لم يكونوا جادّين في السياسة الداخلية ولا في الجغرافيا السياسيّة. لم تكن اقتصاداتهم وتنمياتهم جادّة. متى كان لهم دفاع جادّ لضمان أمن الدول وسيادتها وقدرتها على مواجهة الأخطار الطارئة؟ غريب انعدام الجدّية في محو وصمة الأميّة. في العالم العربي في هذا القرن، أطفال شوارع، وصبيان يعملون في ظروف مأساوية في تصليح السيارات. أمّا طاقات مئات الألوف من الشبيبة المحكوم عليها بتلف عنفوان الشباب في البطالة ومهاوي الانحرافات الاجتماعية، فمن يأخذها على محمل الجدّ؟
المعضلة الأساسية، ليست مطلقاً كسل الباحثين، أفراداً ومؤسسات، في إعداد الدراسات والإحصاءات، وإفادة أصحاب القرار بها، فالبحث العلمي الضروري أوّلاً، هو فكريّ نفسي أساساً. فكريّ، أي يتطلب الاستعانة بالعلوم العصبية انطلاقاً من السؤال: لماذا نرى التنميات المتعثرة غير الجادّة، هي الأكثرية السائدة؟ ما علّة انتشار هذا النمط السلبي من أداء الدماغ؟ وسيكولوجي، أي يستدعي، بوساطة التحليل النفسي، السؤال: ما الذي يجعل الأغلبيّة لا يستحثها تردّي مستوى الحياة العامّة، إلى الجدّية في إرساء نهضة حقيقية، في سبيل تغيير وجهة البوصلة نحو شمال حضارة التنمية الشاملة القائمة على العلوم والتقانة؟ حتى الفنون غير جادّة.
لزوم ما يلزم: النتيجة التربوية: على المناهج أن تزرع ثقافة الجدّية منذ الابتدائية، بل منذ الحضانة. والأفضل منذ الميلاد.

[email protected]

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق