القراءة الورقية بين الحنين والزمن - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

في عصر يتسارع فيه التطور التكنولوجي، وتنتشر فيه الأجهزة الرقمية بشكل هائل، يبدو أن العودة إلى الكتب الورقية ليست مجرد موضة أو حنين إلى الماضي، بل ظاهرة تحمل في طياتها الكثير من الأبعاد النفسية والاجتماعية، فهل هذه العودة مجرد شعور عابر، أم أن هناك حاجة نفسية حقيقية وراء هذا التفضيل؟
الكتب الإلكترونية قدمت العديد من المزايا، مثل سهولة الوصول إلى المحتوى والقدرة على حمل مكتبة كاملة في جهاز صغير، إلا أن القراءة الورقية تتمتع بسحر خاص، تجذب الحواس بشكل مختلف، فالصوت الناتج عن تقليب الصفحات، والملمس الدافئ للورق، وحتى الرائحة التي تملأ الأنف عند فتح الكتاب، كلها تثير مشاعر وذكريات قديمة، ما يجعل التجربة أكثر ارتباطاً بالعاطفة.
أيضاً الكتاب الورقي يقدم تجربة أكثر تفاعلية وتركيزاً مقارنة بالكتاب الإلكتروني، عندما نقرأ كتاباً ورقياً نكون أكثر قدرة على التفاعل معه بطريقة مادية. نحن نمسك الكتاب بأيدينا، نضغط على الصفحات، ونشعر بتقدمنا من خلال سماع الصوت المميز لكل صفحة، هذه الحسية الملموسة تسهم في تعزيز التجربة العقلية والنفسية، حيث تشير الدراسات إلى أن التفاعل الجسدي مع الكتاب يساعد على تحسين التذكر والاستيعاب.
أيضاً تعتبر القراءة الورقية أقل تشتيتاً، فعلى الكتب الإلكترونية، الأجهزة الرقمية، تصل إشعارات التطبيقات أو الرسائل، ما يؤثر في قدرتنا على التركيز.
ولا ننسى ربط القراءة الورقية بالاسترخاء العاطفي، فالكثيرون يعتبرون الكتاب الورقي بمثابة «ملاذ» هادئ بعيداً عن شاشة الهاتف أو الكمبيوتر.
ومع كل هذا فإننا يجب ألا ننسى أن هناك أجيالاً حالية وقادمة فتحت أعينها على هذه التقنيات، الكتب الإلكترونية، وتعودت على القراءة بواسطة الأجهزة، بل إن هناك أجهزة صممت لتكون مستودعاً ضخماً للكتب، يمكن تصفحها وقراءتها، وتضم خدمات لا تجدها في الكتاب الورقي.
الزمن هو التحدي الأكبر أمام الكتاب الورقي، ومهما تحدثنا عن صموده والحاجة له، فإن تحديات المستقبل والتحديثات في مجال الكتب الإلكترونية، والأجهزة ذات العلاقة، لا يمكن التنبؤ بها، فالتطورات مذهلة ودائماً غير مسبوقة، والكتاب الورقي واحد من المجالات التي تواجه تلك التحديات، وتواجه تقنية مستمرة في التحديث والتطوير الذي لا يتوقف.

[email protected]

www.shaimaalmarzooqi.com

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق