عبدالعزيز جاسم.. الوسواس والصمت - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

تولي دار نشر «غاف» في دبي اهتماماً خاصّاً بنشر أو إعادة نشر عناوين أدبية إماراتية لمختلف الأجيال الأدبية، ومختلف الأساليب الفنية من قصيدة العمود إلى قصيدة التفعيلة إلى قصيدة النثر على مستوى الشعر الإماراتي الحديث، ومن النص القصصي أو الروائي الكلاسيكي إلى النص التجريبي على مستوى السرد في الإمارات.
وهي رؤية نشرية وثقافية في الوقت تستحق الإشارة والتنويه في الإطار العام لنمو وصعود حركة النشر الجديدة في الإمارات، وهي حركة جديدة بالفعل من حيث الفكر، والرؤية كما هي حركة نشر جدّية وتتمثل أعلى مستويات جدّيتها في تبنّي الأدب الإماراتي القديم والحديث، ونشره أو إعادة نشره بصناعة مهنية حديثة راقية الطباعة والإخراج، وتحترم الكتاب الأدبي الإماراتي والعربي، وتراهن على ثقافة الإبداع والتنوير.
رأيت أن أكتب هذه الكلمات الاحتفائية بحيوية النشر الإماراتي اليوم الذي تقوده كفاءات ثقافية إماراتية شابة، ومن الجميل حقاً أن نعاين العديد من دور النشر المحلية التي تأسست بجهود وطموحات كاتبات إماراتيات شابات ينطلقن في عملهن الثقافي الإماراتي من شعورهن العميق بالانتماء إلى الثقافة المحلية ورموزها المبدعين الجدد، والقدماء والمؤسّسين والمواكبين لحركة الكتابة في الإمارات.
في هذا السياق النشري النبيل، أصدرت دار «غاف» الطبعة الثانية من الأعمال الشعرية (الجزء الأول) للشاعر عبدالعزيز جاسم، أحد أبرز رموز القصيدة العربية الجديدة في لغتها وحيويتها الفكرية والفلسفية والمعرفية.
هنا، أقف على رأي بالغ الأهمية للشاعر عبدالعزيز جاسم في ظاهرة إصدار الأعمال الشعرية، وهو يرى أن فكرة جمع الأعمال الشعرية في مجلد واحد تشبه، كما يقول، لملمة أشلاء أو أشياء أو رموز أو عوالم أو ذكريات مبعثرة أو جمع قطع لغز متناثرة. ويقول إن هذه الفكرة ذاتها وبالمعنى الصّوفي والفلسفي والأدبي إنما تعبّر في العمق عن كيفية جمع المتعدد في الواحد، ومعرفة حقيقة الواحد في تعدّده. وهو يقول في الأخير إن إصدار الجزء الأول من أعماله الشعرية يؤكد تعدّده هو ذاته وتنوّعه في وحدته.
يقول عبدالعزيز جاسم في حوار أجراه معه الشاعر والصحفي عبده وازن «الحياة» (2017/7/27) إنه لا يشعر بالندم مطلقاً على تأخّره في النشر، ويقول إنه مقلّ في النشر لكنه مكثر في الكتابة، ويصرّح بأنه صارم ووسواسي ولا يرضى بسهولة عمّا يكتبه «إن الفن المُبجّل الذي تحدّث عنه نيتشه لا يكون على شاكلة إنتاج الدواجن اليومي أبداً، وإنما يتطلب شيئاً واحداً قبل سواه: الوقوف جانباً وعدم التسرّع والتزام الصمت والتأنّي».
تلك رؤية صاحب «لا لزوم لي» الشعرية والثقافية: الاستناد إلى الفلسفة إذا أراد الكاتب فعلاً أن ينضم إلى روح الفن المُبجّل، لا إنتاج الدواجن.
[email protected]

أخبار ذات صلة

0 تعليق