المطلوب موقف عربي - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

لأول مرة منذ نكبة فلسطين عام 1948 يواجه العرب تهديداً مصيرياً حقيقياً لأمنهم القومي يتمثل في محاولة تهجير الفلسطينيين مجدداً في إطار خطة أمريكية خبيثة تلبي مطالب اليمين الإسرائيلي المتطرف الذي يسعى إلى التخلص من الشعب الفلسطيني وإلغاء حقه التاريخي في أرضه، وتكريس وجود «إسرائيل التوراتية» من خلال مبادرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتهجير سكان غزة إلى مصر والأردن، وتهديدهما في حال رفضهما بقطع المساعدات عنهما، لأنه ينظر إلى الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية من خلال عدسة اليمين الإسرائيلي والمسيحيين الإنجيليين، في حين ينظر إلى الفلسطينيين ككمية بشرية فائضة عن اللزوم.
إنها كارثة جديدة إذا تحققت، وتضرب عمق الأمن القومي العربي، وتهدم كل ثوابت التضامن العربي، وسيادة الدول العربية، وتتنكر لوجود شعب فلسطيني وأمة عربية متجذرة في هذه الأرض، وتتطاول على استقلال دول عربية من خلال مواقف فيها من الازدراء والإهانة ما لا يقبله عاقل، عربي أو غير عربي، وبما يتجاوز كل القوانين والمواثيق الدولية.
وعندما يصف الكاتب الأمريكي توماس فريدمان في مقال نشره في صحيفة «نيويورك تايمز»، وهو المؤيد للسياسات الإسرائيلية اقتراح ترامب بالاستيلاء على غزة وطرد أكثر من مليوني فلسطيني بأنه «الأكثر خطورة في التاريخ»، فهذا يؤكد أن خطة ترامب تشكل خروجاً كاملاً على أسس العلاقات الدولية، وأنه يقدم للمنطقة والعالم أفضل وصفة للفوضى، لأنها تعطي إسرائيل ما لا تستحق من جيب غيره، كما تزعزع ديموغرافيا بلدين عربيين لإرضاء جماعته من اليمين الإسرائيلي رغم ما يمثله الاقتراح من انقلاب على كل المفاهيم الدولية، وضرب مقصود للأمم المتحدة ومنظماتها وقراراتها.
وعندما تكتب صحيفة «الإندبندت» عن اقتراح بايدن بأنه «اندفاع جنوني» وأنه قد يتحول إلى «كابوس»، فهي تخشى أن يصر الرئيس الأمريكي على تنفيذ اقتراحه ويضع منطقة الشرق الأوسط أمام حالة غير متوقعة من الفوضى تدخلها في مزيد من الحروب والأزمات، وهو بذلك يضع كل الشروط المطلوبة للقضاء على الجهود التي تحقق السلام، وتضع نهاية للدعوات العربية والدولية لفتح مسار التسوية من خلال «حل الدولتين».
وإذا كان وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو يعترف بأن هناك رفضاً عربياً لاقتراح ترامب ويدعو العرب إلى تقديم «خطة أفضل»، فهو يمارس بذلك شكلاً من أشكال التلاعب السياسي، فالعرب أعلنوا رفض خطة التهجير، واستعدادهم للمشاركة في إعادة إعمار غزة، وتقديم ما يلزم من دعم ومساعدات للفلسطينيين على أرضهم وليس خارجها، كما سبق للعرب أن أعلنوا خطتهم للسلام عام 2002 على أساس «الأرض مقابل السلام»، وأي اقتراح آخر هو عبث خارج النقاش.
إن العرب في قمتهم الطارئة المقررة يوم 27 الحالي عليهم الارتقاء إلى مستوى المواجهة التي تفرض عليهم ليس من قبل إسرائيل فقط، بل من قبل رئيس أقوى دولة في العالم يهددهم بوجودهم وحاضرهم ومستقبلهم.
إنه الوقت الذي يجب أن يقول فيه العرب كلمتهم كي يسمعهم العالم والولايات المتحدة تحديداً.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق