على الشغف بالمسرح، ووعوده، ومسرّاته الجمالية والتذوّقية يلتقي أهل أبي الفنون في الدورة الرابعة والثلاثين من أيام الشارقة المسرحية، أيّام وليالي العروض الاحترافية التي قام على تأليفها وإخراجها وتمثيلها مسرحيون إماراتيون كان بعضهم بالأمس القريب فقط مجرّد شباب هواة كان الواحد منهم يأتي إلى المسرح وهو متردد وخجول، لكن هؤلاء يقفون اليوم على الخشبات بشخصيات قوية تتمثّل روح الحياة، والتاريخ وذاكرة المكان وأهله.
قصة أيام الشارقة المسرحية كمهرجان بدأت دورته الأولى في العاشر من مارس 1984 معروفة لكل من يعود إلى التاريخ والأرشيف، لكن حقيقة هذه القصّة أنها سردية مسرحية طويلة تعود إلى طفولة المسرح في الإمارات حينما كان فرجة شعبية في الفريج المضاء بالفنر، والتكوينات الخشبية الأولى من أجل بناء منصّة للتمثيل واستقطاب الناس للفرح الذي يعبّر عن معطياته في الهواء الطلق، وأحياناً، بالقرب من البحر.
تلك الصور البكرية الطفولية هي البذرة الأولى لأيام الشارقة المسرحية التي تؤرّخ وتوثق لأكثر من جيل مسرحي إماراتي منذ وسط الثمانينات وإلى اليوم.
قصة «الأيّام» هي قصة المسرحيين الإماراتيين أنفسهم. قصة الممثل الذي بدأ بأدوات مهنية بسيطة وتعليم مسرحي وثقافة مسرحية محدودين، ثم اعتمد على عصاميته وطموحه، فذهب يدرس المسرح في الكويت والقاهرة وبغداد، وأصبح محترفاً في الإخراج، وأستاذاً في الكتابة للمسرح، وخبيراً في السينوغرافيا، والفضاء المسرحي كلّه الذي هو بيت العرض ونقطة ارتكاز الفكر المسرحي الذي يحمله العرض.
من صُلْب «الأيام» ولدت فضاءات مسرحية جديدة في الإمارات أكثرها خصوصية جمالية ومكانية مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي، ومهرجان كلباء للمسرحيات القصيرة، وغيرهما من فضاءات عرض متخصصة.
«الأيام» أيضاً تؤكد في كل تاريخها المسرحي على بُعْدِها العربي الذي هو إحدى وأهم أوّليات مشروع الشارقة الثقافي، ومن رمزيات هذا البُعْد النبيل يجري تكريم العرض الفائز بجائزة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي لأفضل عمل مسرحي عربي لعام 2024 وهو العرض التونسي «البخارة»، كما تذهب جائزة الشارقة للإبداع المسرحي العربي إلى الفنان السوري أسعد فضّة، وتتضمن «الأيام» ملتقى الشارقة الثالث عشر لأوائل المسرح العربي.
أيام الشارقة المسرحية إماراتية الوجه والاسم، عربية الجوهر والهوية، عالمية المعنى الإنساني الرفيع الذي يرتبط دائماً وأبداً بثقافة المسرح.
[email protected]
0 تعليق