دردشة في قاموس «بساط الريح» - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

هل ترى أنه من دواعي التفاؤل أن قاموس «بساط الريح»، و«بلاد العُرْب أوطاني»، لا تزال مفردات منه تدغدغ طبلة السمع؟ صحيح أن أموراً كثيرةً تغيّرت، ولكنّ بصرك يقع، في يوم، في شهر، في سنة، على مقال، عمود، خاطرة، فتفاجأ بحركة تدبّ في عبارة مثل: الوطن العربي الكبير، الأمّة العربية... لكن، لا تكن طمّاعاً فتنتظر عودة الروح إلى «مواجهة التحديات»، «العمل العربي المشترك»، فهذه الفذلكات ولدت ميّتةً أصلاً.
معذرةً، ما الذي أوصلنا إلى هذه المواصل، التي ترتعد لها المفاصل؟ فقد كان القلم يقصد غايةً أخرى. دار في خلده سؤال: هل الذين يهيمون بنهوض الفينيق من رماد كالعهن المنفوش، كالرذاذ المرشوش، يدركون شعاب خريطة الطريق إلى إنقاذ الغريق؟ يحتاج العمل إلى مليون حكيم خبير عليم. الخطط العملية ليست خطباً عصماء، ولا أناشيد ولا هتافات.
قد يلوح لك المشهد كاريكاتورياً تثبيطيّاً تحبيطيّاً، لكن عليك بشيء من بأس النفْس وطول النفَس: ضع أمامك قائمة جميع البلدان العربية، ثم أعد ترتيبها حسب سلّم مستوى التنمية، كما طاب لك، من الأعلى إلى الأسفل، أو من الأشدّ تعثّراً إلى الأفضل نموّاً وتنميةً. حذار وهن العزيمة وتداعي المعنويات.
برباطة جأش القائد الاستراتيجي، حين يقرّر، في أحرج اللحظات، وأحلك الظروف، أن ينضو عن روحه وطموحه كوابيس الاستسلام للانهزام، فكّر في الخطة العبقرية التي تستطيع إطلاق برنامج للعمل المشترك بين حالات وأوضاع شديدة التناقض أحياناً، وأحياناً تراجيكوميدية. دماثة الأخلاق تأبى ذكر أمثلة، فهي وصمة بألف بصمة.
الوعي العام غائب، وهذه أنكى النوائب. فلا نظر ثاقب، ولا رأي صائب. صار من العسير على أيّ عقل رشيد أن يقول: من هنا نبدأ. من أين وكيف وبماذا تكون البداية؟ كلّ ما يتطلّبه الأمر نسمة حكمة ونفحة رشاد، فلن يكون متعذّراً إدراك المعضلة الكبرى: إعادة إعمار البلدان المهشّمة المهرشمة، ليست ممّا يحيّر الأذهان، فنفط ليبيا والعراق كفيل بتشييد صروح العمران والمدنيّة.
لكن، كيف تعيد بناء ما تحطم في النفوس؟ كيف تعيد التوازن الوجودي لشعوب بكاملها. المشكلات المترتبة تتمثل في الاستحقاقات التي آلت إليها الأوضاع. عشرات الملايين، خصوصاً من النشء الجديد، لن يكونوا أسوياء متوازنين، إلا إذا كنا نغمض أعين عقولنا حتى لا نرى المصير العربي الذي لا يتجزّأ، وهل يقدر عربي على الانسلاخ من الخريطة العربية؟
لزوم ما يلزم: النتيجة الفيزيائية: العالم العربي واقع، للأسف، في حالة انعدام الوزن، المأساة هي أن المقاصد الدولية أغراضها من الوزن الثقيل.
[email protected]

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق